الأربعاء 25 يونيو 2025
41°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
كانت اليابان وإيران 'أرض الشمس'
play icon
الافتتاحية

كانت اليابان وإيران "أرض الشمس"

Time
الاثنين 23 يونيو 2025
View
5690
أحمد الجارالله

حين قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أول من أمس: "لنجعل إيران عظيمة مجدداً"، تذكرت اليابان، وما جرى فيها بعد الحرب العالمية الثانية، فهي كانت دولة نهجها الاستعمار المباشر لجيرانها، وقد غزت خلال الحرب أراضي شاسعة في آسيا والمحيط الهادئ، منها الصين، كوريا، الفلبين، ماليزيا، سنغافورة، إندونيسيا، بورما وتايلند.

وفي تلك الحرب، تحديداً في العام 1941، شنت طائراتها غارات مكثفة على ميناء "بيرل هاربور" الأميركي، وقد أذت الولايات المتحدة كثيراً في ذلك، لكن استطاعت واشنطن تضميد جراحها، ودخلت الحرب بقوة، وحين تيسر لها امتلاك قنبلة نووية، انتقمت من اليابان وفرضت عليها الاستسلام غير المشروط.

في اليومين الماضيين، لقن الجيش الأميركي نظام إيران درساً كبيراً، وهذا في الأعراف السياسية مقدمة لسقوط النظام، وعلى هذا الأساس حين يقول الرئيس ترامب ذلك، فهو مقدمة لما ستؤول إليه التطورات في المستقبل القريب، في إيران والإقليم.

طوال 48 عاماً، كان يمكن لطهران أن تكون أفضل من وضعها الحالي، حين أنفقت ما يزيد على 3.6 تريليون دولار على المشاريع النووية والصاروخية، ونحو 1.5 تريليون على الأذرع التي أسستها في كل من اليمن والعراق ولبنان وسورية، وأوصلت شعبها إلى حد الجوع، بينما كان يمكنها الاستغناء عن كل ذلك، وتخصيص تلك الأموال الطائلة للتنمية الداخلية.

ولهذا، اتضح، ومن خلال التجربة، أن شعار "تصدير الثورة" كان مغامرة غير محسوبة، لأنه جلب العداء لإيران من كل جيرانها، بل ومن العالم الإسلامي والمجتمع الدولي، والسعي إلى امتلاك قنبلة ذرية، استفز العالم أجمع، وكما قلنا أمس، حتى الدول الصديقة لها لن تقبل بذلك، فكيف إذا كانت ترفع شعارات تناقض ميثاق الأمم المتحدة، والمعاهدات الدولية، ويقول مسؤولوها إنهم سيبيدون شعباً؟

في الماضي، كان الإمبراطور الياباني يُعتبر شبه إله، وأخذ من القداسة الشعبية الكثير، وهو ما عليه، حالياً، المرشد الإيراني، الذي يُحاسِب ولا يُحاسَب، وله الكلمة الفصل في الدولة ككل، لكن حين فُرض الاستسلام على اليابان خرج الإمبراطور، وعبر الإذاعة ليعلن بنفسه ذلك، وهي كانت المرة الأولى التي يسمع فيها شعبه والعالم صوته.

صحيح أن العقيدة الدينية تختلف بين النظامين الياباني القديم والإيراني الحالي، لأنها تنطلق من مبادئ غير واقعية، أكان في ما يتعلق بالمآلات المصيرية، أو السياسية، لكنها واحدة بالنسبة للقتال، ولهذا اليوم ثمة الكثير من الأفكار النخبوية الإيرانية، داخلياً وخارجياً، عما يمكن أن تصبح عليه تلك البلاد الشاسعة، والعدد السكاني الكبير، والإمكانات والثروات الطبيعية، بما يؤهلها لأن تكون على قدر كبير من الأهمية اقتصادياً، ويمكنها مضاهاة اليابان اقتصادياً وتنموياً.

لهذا، إن ما فعله الرئيس الأميركي الراحل هاري ترومان في العام 1945، حين فرض على اليابان الاستسلام، فإنه منحها الفرصة لتعود "أرض الشمس" في الاختراعات والابتكارات، والدولة الثانية، لزمن طويل اقتصادياً بعد الولايات المتحدة.

إيران كانت تسمى أيضاً "أرض الشمس"، وفي راية النظام الإمبراطوري كان الأسد والشمس يتوسطانها، فهي كانت دولة عظيمة بكل المقاييس، إلى أن تغير النظام الذي عزلها عن العالم.

على هذا الأساس، يمكن القول إن التاريخ يعيد نفسه، لكن بأحداث وأشخاص آخرين، فيما تتكرر بعض الدروس، ومنها أن "إيران الثورة" قد تصبح من الماضي، وهي في المستقبل القريب ستعود بلاداً عظيمة مجدداً، فهل يفهم أركان النظام الحالي في إيران تلك الإشارات، أم أنهم سيبقون يكابرون، ويأتي من يغيرها؟

  • أحمد الجارالله
آخر الأخبار