الخميس 26 يونيو 2025
43°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
السعودية غير... من ضفاف الخليج إلى قلب الحرم (4)
play icon
كل الآراء

السعودية غير... من ضفاف الخليج إلى قلب الحرم (4)

Time
الثلاثاء 24 يونيو 2025
View
110
بسام فهد ثنيان الغانم

رحلة في أرض المجد: الخبر، الرياض، مكة.. والمملكة تصوغ الحلم

***

نكمل اليوم رحلتنا في أرض المجد، لنصل إلى ختامها في مكة المكرمة، حيث تهدأ الأرواح، وتلين القلوب، ويُصغي القلب ويخشع، في مهبط الوحي، ومهوى الأفئدة، ومقام السكينة، فيها التقينا بأصدقاء أعزاء، وشخصيات كريمة، وفيها عشنا لحظات من النور لا تُنسى، فكان اللقاء في مكة مختلفًا، لأنها مدينة لا تستقبل الزوّار فقط، بل تحتضنهم.

***

مكة المكرمة، الرحلة إلى الله، والدهشة التي لا تُنسى

***

مكة، حين تطأ ترابها، تشعر أن الأرض تسجد، والسماء تهمس، والقلوب تسير وحدها، كأنّها تعرف الطريق قبل الأقدام.

***

في صحبةٍ طيبة مع أخي الدكتور فوزي الخواري، الأستاذ في كلية الطب بجامعة الكويت، رئيس الجمعية الكويتية لإدارة الأزمات والطوارئ، زرنا أسرة آل متعب السبيعي في ديوانهم في أبراج مكة، وهناك التقينا رجل الأعمال الشيخ سعد آل متعب، رئيس مجلس إدارة فنادق ومنتجعات "هوليداي الخليج"، والرئيس التنفيذي لـ"شركة أبناء متعب فهاد السبيعي العقارية"، و"فنادق آل متعب سويتس"، رجلٌ جمع بين إدارة الفنادق والقلوب، وبين العمارة والعلاقات، فكان مجلسهم هو وأخوته الكرام ملتقى للعقل والصفاء.

التقينا فيه نخبة من أهل مكة وأعضاء من مجلس إدارة "بنك البلاد"، وكان الدفء في الأحاديث كما الدفء في المكان.

كما كان لنا لقاء جميل مع سعادة حسين بن علي العميري، عمدة حي الشبيكة، في مكتبه داخل الحرم المكي الشريف، بمعية أصدقاء الرحلة المكية الأعزاء، الدكتور فوزي الخواري، والأستاذ مساعد الرندي، والأخ عبداللطيف المليفي. وكان من الحضور أيضا الأستاذ ريان الطيار، القادم من الرياض، والذي حمل معه روح العاصمة وسموّ حديثها، إلى جانب نخبة من الإخوة الكرام من أهل مكة وخارجها، ممن جمعهم الأدب، والتقدير، ومحبة هذه الأرض الطاهرة.

وكان اللقاء بمثابة مجلس نور، لا يُقاس بزمانه ولا يُنسى بمكانه؛ مجلسٌ تفيض فيه المحبة، وتنبض فيه المروءة، ويغمره احترام صادق لمكة وأهلها وزائريها.

وتبادلنا الأحاديث التي تعبر حدود المكان، فتنطلق من التاريخ إلى الحاضر، ومن همّ الناس إلى مسؤولية من يخدمهم. لقد كانت لحظة من تلك اللحظات التي لا تُكتب فقط، بل تُحفَظ في القلب كواحدة من هدايا مكة لمن قصدها بقلبٍ مفتوح.

وتوّج هذا اللقاء البهي، بدعوة كريمة من أسرة آل العميري الموقرة، الذين فتحوا لنا أبواب قلوبهم قبل أبواب بيوتهم، واستضافونا على مأدبة فاخرة في إحدى أمسيات مكة التي لا تُنسى.

جمعتنا المائدة بالمحبّين والخلّان، في حضور أصدقاء الرحلة المكية: الدكتور فوزي الخواري، والأستاذ مساعد الرندي، والأخ عبداللطيف المليفي، وكان في مقدمة المضيفين الأخ الفاضل أبوفوزان، عبدالعزيز فوزان العميري، رجل الدماثة والمروءة، وأخوته الكرام، الذين أحاطونا بكرم أصيل، ووجه مشرق، وحديث يفيض أدبًا، ومحبةً، ورفعة خُلق.

لم يكن لقاء طعام، بل مجلس ودٍّ ومعرفة، امتدّت فيه الأحاديث من حكايات الحرم، إلى ذكريات الحي، إلى هموم الأمة، وأمل الغد، وحب ولاة الأمر ووجوب طاعتهم، وكان كل شيء فيه صادقًا، كما هي مكة، صادقة في ضيافتها، نقية في رسالتها، ومضيئة في تفاصيلها الصغيرة التي تبقى في الذاكرة طويلًا.

لقد خرجنا من مجلسهم ونحن نحمل في القلب أثراً، وفي الذاكرة عطراً، وفي الروح دعاءً صادقًا أن يحفظ الله هذه العائلة الكريمة، وأن يُبقي مكة عامرةً بأمثالهم من الطيبين الصادقين.

لكن، فوق ذلك كله، يبقى الحج هذا العام حديثًا آخر

***

لقد شهدت المملكة هذا العام موسم حج غير مسبوق من حيث التنظيم، والدقة، واليسر، والرحمة. تحرّكت الملايين، وسارت القلوب والأجساد بين المشاعر، لكنّك لم تر فوضى، ولا شكاية، ولا عرقلة.

الحج هذا العام كان كما يليق بمكة، وكما يليق بالمملكة، وكما يليق بحجاج بيت الله.

تجلّت التقنيات الحديثة في كل زاوية: من المسارات الذكية، إلى التطبيقات، إلى المنظومات الصحية والأمنية التي بدت وكأنها جيش من الرحمة يطوف مع الحجيج.

رجال الأمن، ورجال الصحة، والمتطوعون، والإعلام، وفرق الإرشاد… كلهم عملوا كأنهم جسدٌ واحد، ينبض لخدمة ضيوف الرحمن، ويبتسم في كل موقع، ويؤدي واجبه بروحٍ تعبّر عن وعي الجيل الجديد، وانتماء الإنسان السعودي لوطنه ومقدساته.

منذ زمن بعيد لم نشهد حجاً بهذه السلاسة وهذا الإبداع، ولقد أثبتت المملكة أنها قادرة لا على تنظيم الحج فقط، بل على تقديمه كأرقى تجربة روحية في الوجود، تُدار بحكمة، وتُصان بعقيدة، وتُروى بعطاء لا يُحدّ.

السعودية غير، لأنها لا تُدار بشيء عادي، بل بالحلم والإرادة.

من الخبر، إلى الرياض، إلى مكة، من شرق المملكة إلى غربها، ومن البحر إلى الجبل، ومن السوق إلى المسجد.

كانت رحلتي كأنها سطرٌ في كتاب من نور، يضيء في القلب أكثر مما يكتب في الورق.

وإن سألتني: ما الذي تغيّر؟

أجبتك: لم تتغير السعودية، بل نحن الذين تغيّرنا حين رأيناها عن قرب.

لم تتغير المملكة العربية السعودية فقط، بل ازدادت جمالاً، وحسناً، وبهاءً، لأن في كل زاوية منها من يزرع الأمل، ويبني الرؤية، ويحرس الحلم.

آخر الأخبار