الجمعة 27 يونيو 2025
35°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
دروس من الهجرة النبوية
play icon
كل الآراء

دروس من الهجرة النبوية

Time
الأربعاء 25 يونيو 2025
View
40
عدنان مكّاوي

هجرة الرسول الكريم، ومن قبله أصحابه الكرام من مكة، مسقط رأسهم إلى يثرب (المدينة) النائية قبل أكثر من 1446 سنة هجرية، فيها دروس وعبر للمسلمين، لعل أهمها:

أن من حق المسلم الضعيف المغبون، أن يهجر أرضه التي يعاني فيها من العذاب والهوان، والفقر والعوز إلى أرض الله الواسعة، حتى يقوى ويغنى، فيعود لأرضه فاتحا، كما فعل نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه الكرام؛ فقد هجروا مكة؛ حيث ظلمُ المشركين ليعودوا بعد 13 سنة تقريبا فاتحين؛ فنزلت الآية الكريمة "إنا فتحنا لك فتحا مبينا".ومن الدروس أيضا، أن من حق العربي على أخيه العربي، أن يؤويه ويسكنه ويطعمه، ويمد له يد العون والمساعدة الحقيقية الخالصة لوجه الله تعالى، ليعيش معزّزا مكرّما في أرضه الجديدة، كما فعل أهل يثرب لا أن يزعجه ويقضّ مضجعه ويعيّشه في هم ونكد، ويشعره أنه غريب، وافد، مقيم، يشكّل عبئا وثقلا على البلاد وأهلها، من وقت إلى آخر.

ما فعله أهل يثرب (الأنصار) لدى استقبالهم إخوانهم (المهاجرين) من مكة، أكرموهم وأشعروهم أنهم في أرضهم، وبين أهلهم، فشاع التعبير "أهلا وسهلا"، آنذاك، وليس "لا للتهجير" كما يفعل العرب المسلمون في عصرنا الأغبر تجاه بعضهم بعضا.

لكن في مقابل ذلك الكرم الحقيقي والسخاء الكريم، لم يركن المهاجرون لحياة الدّعة والكسل أو الأخذ دون عطاء؛ بحثوا عن أسواق يثرب، ليشتغلوا فيها بكل همّة ونشاط وإخلاص وتفان، حتى صار اسم يثرب المدينة.

نعم: المهاجرون رفضوا أن يكونوا عبئا على إخوانهم الأنصار، بالعكس، خففوا عنهم وطء الحياة الصعبة المرّة، وسط الصحراء، وساعدوهم في بناء يثرب؛ لتغدو مدينة تضاهي مكة ثراءومدنية.

الشاهد: إن مساعدة المسلم المقتدر لأخيه المسلم المحتاج بالمال السّخي والعمل الثمر، أهم ما نحتاج إليه نحن العرب المسلمين الآن.

كما تعلّمنا الهجرة النبوية، الوفاء والامتنان، لمن يكرمنا والإخلاص لمن يساعدنا، وليس الجحود والنكران، فقد أكرم رسولنا الكريم أهل المدينة أن أوصى أن يُدفن فيها، عرفانا بفضلهم عليه (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلى المسلمين، فضمن لهم رزقاً متجدداً لا ينضب من ملايين المسلمين سنويا، ولن ينضب.

وتعلّمنا الهجرة، أن نقضي حوائجنا بالكتمان؛ فالسرية في العمل البطولي ضد العدو، وتأمين "المزودة" طوال أيام الهجرة، شرط للنجاح والفلاح.

وما دام الشيء بالشيء يُذكر، فمن الأهمية أن نعلم أولادنا دروس، وعبر، ومواعظ الهجرة النبوية، ما ظهر منها وما بطن، ونربطها بحياتنا وظروفنا في كل سنة هجرية جديدة.

علينا أن نعلّم أولادنا التاريخ الهجري، وما يتعلق به من ثقافات متنوعة.

أذكرُ أن مدرسا غزيا، سألنا ونحن تلاميذ صغار، نحتفل بهذه المناسبة قبل أكثر من ستين عاما في غزة هاشم، المحاصرة حاليا، هذا السؤال: تنشدون وينشد غيركم من تلاميذ المسلمين:

"طلع البدر علينا من ثنيات الوداع

وجب الشكر علينا ما دعا لله داع"

فما معنى "ثنيات الوداع"؟

وفي سؤال آخر: من يحفظ أشهر السنة الهجرية، مرتبة، كما يحفظ أشهر السنة الميلادية مرتبة، وما علاقة السنة الهجرية بالقمر؟

وفي سؤال رابع: ما هي الأشهر الحُرم عند المسلمين؟

ولماذا سُمي كل منها باسمه؟

وفي سؤال آخر: أيهما أفضل؛ أن يستأجر أبوك بيتكم، بالسنة الميلادية أم بالهجرية، ولماذا؟

معظمنا تعثّر بالإجابة؛ وحتى الآن، أنا أتعثر في تلاوة أو تسميع أشهر السنة الهجرية؛ مرتبة؟ ولا أدرك ما سرّ تسمية كل شهر منها باسمه المتداول عند العرب منذ 1446 هجرية.

فمعذرة للرسول العظيم (صلى الله عليه وآله وسلم) وصحبه الكرام... وكل سنة هجرية وأنتم بخير وفي خير.

كاتب فلسطيني

آخر الأخبار