الأحد 14 سبتمبر 2025
37°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
الدرس الكويتي من صراع إيران وإسرائيل
play icon
كل الآراء

الدرس الكويتي من صراع إيران وإسرائيل

Time
الخميس 26 يونيو 2025
عبدالعزيز محمد العنجري

في المنطقة الأكثر اضطراباً في العالم، لم يعد السؤال: هل ستقع المواجهة، بل متى، وكيف ستطالنا؟

وفي هذا السياق، لم يكن تبادل الضربات بين إيران وإسرائيل مجرد حدث عابر، بل نقطة تحوّل تستدعي من الدول الصغيرة - وفي مقدّمها الكويت- مراجعة تصوّراتها عن الأمن، والموقع، والدور، وحتى الخطاب.

فرغم أنها، او ربما لم تكن حرباً تقليدية بكل أبعادها، فإنها أيضا لم تكن مجرّد "مسرحية".

ما جرى لم يكن مجرد احتمال نظري، بل تجسّد ميدانياً في وقائع مذهلة:

• مسيّرات تعبر أجواء الخليج والعراق والأردن دون اعتراض.

• صواريخ تدخل العمق الإسرائيلي، رغم منظومات الدفاع.

•ضربة دقيقة تصيب منشآت شديدة الحساسية داخل إيران.

لقد شهدنا اختراقاً فوق ثلاث دول، على الأقل، وضربات داخل أراضٍ يُفترض أنها محصّنة، وردود فعل تفاوتت بين الردع والتطمين.

وهذه رسائل واضحة، لكل من يراهن على بُعد الجغرافيا أو حياد الصمت.

ومن بين أكثر الدول التي يفترض أن تُعيد قراءة هذه التطورات… الكويت، لأن بقاءها خارج التصعيد اليوم، لا يعني أنها ستكون في مأمن منه غداً.

ومع تزايد هذا الشعور بالخطر، كانت الحاجة ملحّة لخطاب رسمي، أو رمزي، يُواكب قلق الناس، ويضع الأمور في سياقها.

لكن المواطن لم يجد ما يطمئنه، ولا ما يوجّهه؛ فبقي في دوّامة الإشاعات والتخمين، وسط فراغ لم تسده لا جهة رسمية، ولا رمزية وطنية مستقلة.

كانت الكويت، حتى وقت قريب، تزخر بأصوات عاقلة:

دبلوماسيون متقاعدون، أكاديميون نابهون،

شخصيات فكرية تظهر على الفضائيات الخليجية والعربية، وتعبّر عن الموقف الكويتي بوعيٍ وثقة، دون الحاجة إلى مراجعة أو توجيه.

أين هؤلاء اليوم؟

لماذا غاب هذا النوع من الصوت؟

هل هو انسحاب طوعي، أم إقصاء بصمت، أم قناعة متزايدة لدى البعض بأن المجال العام لم يعد يُنصت للأصوات الرصينة؟

في المقابل، تصدّرت الشاشات أصواتٌ تُقدَّم على أنها تُمثّل الكويت، لكنها في الواقع تفتقر إلى الحجة، وتستعيض بالتهكّم والانفعال عن الطرح الرصين.

من يصرخ أكثر، يظن أنه "أصدق"، ومن يحتقر ضيوف الحوار، يتوهّم أنه "ينتصر".

والنتيجة: مداخلات يُفترض أنها تُمثّل الكويت، لكنها تفتقر إلى الرزانة، وتُقدَّم أحياناً بأسلوب يُربك الصورة، ويشوّه الخطاب، ولا يعكس نضج الدولة ولا وعي شعبها.

ما جرى بين إيران وإسرائيل لم يكن مجرد أزمة طارئة، بل محطة فاصلة في قواعد الاشتباك الإقليمي.

وفي الكويت، طغى الصمت الرسمي، بينما من ظهر للحديث لم يكن على قدر تمثيل الصوت الكويتي الرصين.

فإن بقي الصمت، فالغياب مقلق، وإن حضر الصوت، فلا بد أن يكون جديراً بالمقام… فالمراهنة على "النجاة بالصمت" قد لا تنجح في المرة المقبلة، وربما تكون الخسارة أكبر حين يكون الكلام أضعف من السكوت.

Abdulaziz_anjri@

آخر الأخبار