تشعر وكأن الأمر لعبة شطرنج، او هناك رجل ممسك بخيوط امام الجمهور ليقدم "اراجوزا" ومسرحية مُتقنة، والعاب سحرية، وخفة يد لكي يستمتع بها الجمهور.
في هذه المسرحية يلف الغموض المُشاهد، والحاضر، والمُتابع، ويضيع المُمثلون بين خيارات المخرج وتناقضاته.
ترامب عاد إلى البيت الأبيض ورئاسة الولايات المتحدة، ولفت الأنظار بكل تصرفاته واصبح النجم الأوحد في عالم يعج بالتناقضات.
مرات عدة يعلن عن ضرائب، ومن ثم يتنازل عنها، ومرات يقول انه رجل سلام، وبعدها يعلن الحرب ويشعلها، والامر المضحك المبكي، سقوط ضحايا واموات، ودمار، ودماء، وأبرياء لا حول لهم ولا قوة، اللهم انهم في المشهد.
ولكي يكمل المُخرج مسرحيته ببراعة ومهارات عالية، لا بد من وجود هؤلاء الضحايا.
اثنا عشر يوما من الحرب والضرب، جرت بين إسرائيل وإيران، وتم قصف المفاعل النووي "فوردو" الشهير، بعد أن كشفت الاخبار والاقمار الاصطناعية أن ايران أخرجت كل الكميات من اليورانيوم، وأيضا، وهذه نقطة مهمة، لا يوجد عاملون ولا موظفون، ولم يتم الإعلان عن أي إصابات او اضرار، اللهم دعاية إعلامية بأن أميركا دمرت السلاح النووي الإيراني، وأن إسرائيل ادت دوراً كبيراً في ذلك، وهنا نطرح سؤالا كبيرا: الم يكن السيناريو نفسه مع العراق، والقنبلة النووية واسلحة ذرية، مع اختلاف الوقت والامكانات، لكن لا نزال نتابع الاحداث الدراماتيكية مع النجم الأسطوري ترامب فمن يقف خلفه، ومن يدير العملية برمتها، ومن يضع السيناريو، وما هو الفصل المقبل؟
الاختراقات الإسرائيلية لإيران ليست وليدة الساعة، بل مُنذُ سنوات، وهُناك عناصر موجودة في طهران تابعة للاستخبارات الإسرائيلية، وشاهدنا كيف تمت اغتيالات علماء نوويين إيرانيون، بواسطة العملاء على الأرض.
ما هو المخطط الجديد للشرق الأوسط؟ هذا سؤال كبير، وما هي نتائج الحرب الإيرانية ـ الإسرائيلية، وهل كانت من ضمن الخطة ضرب قاعدة العديد في قطر، لشد الانتباه وإعطاء المسرحية تشويقا اعلى و"اكشن"؟
ما معنى ان يشكر الرئيس الأميركي كل إيران ويقول: "الآن انتهت العملية"، وانتهى العرض وستنطلق عمليات السلام، فشكرا إيران، هكذا قال ترامب.
هل من المنطق ان بضغطة زر تتوقف حرب دامت 12 يوما؟
العلاقة الدولية بين ايران والوكالة الدولية للطاقة الذرية علاقة غامضة، وتؤدي الوكالة دوراً مهماً في هذه المسرحية.
ومن المؤكد ان هناك سيناريو جديدا، وأن العمل لا يزال جاريا لتقسيم الشرق الأوسط، وتوزيع ثرواته من جديد.
من المؤكد ان المسرحية لم تنته، وما حصل كان امتداداً لحرب غزة، وحادثة أكتوبر، فاللهم سلّم، اللهم احفظ المنطقة من الاعيب الغرب، ومخططات الغرب واطماع الغرب، فما حصل لن يكون الا نقطة وجمرة في حريق سيكون للشرق الأوسط نصيب كبير منه.
فإيران لا تزال تمتلك اليورانيوم، وقوة لا يستهان بها في المنطقة، ولا يزال النظام باقيا بالاجندة والايديلوجية نفسها، والنفس الفارسي.
ولا تزال أميركا تدعم حلفاءها، وبقوة توجهاتهم، وتؤكد بقاء النظام.
كاتب سعودي