التعديلات الجديدة المقترحة على قانون البلدية، والمنشورة في بعض الصحف مهزلة من مهازل التاريخ، وانا اخوف ما يخوفني الجري للمحاكم، والوقوف امام منصة القضاة او زجي في قفص الاتهام للدفاع عن رأي لا يمس سمعة موظفي الحكومة.
لكن يبقى للمواطن إن اخطأ له اجر، وإن اصاب له اجران، يعني لا يجوز للمواطن ان يغلق الفم او يصفق الحكومة، او نقول "هي ابخص".
نعم، هي "ابخص" لكن يبقى للشعب ايضاً رأي في دولة يقوم نظامها على الدستور والقانون والمشاركة الشعبية، والاهم من كل هّذا حق حرية الرأي.
تصور ماذا يحدث لو فّرض على الشعب كتم الانفاس وغلق الافواه، وهو ما لم يألفه الكويتيون منذ مر العصور، فالكويت ولله الحمد، وبفضل حكمها الرشيد، لم يحدث انعزال بين الشعب والنظام، ولعلنا بالمناسبة نتذكر قول امير البلاد الراحل الشيخ صباح السالم الصباح، يرحمه الله، عندما ارتجل في مجلس الامة بيتين من الشعر "انا وشعبي كلبونا جماعة الدين واحد والهدف اخدم الشعب، لو ضاق صدر الشعب ما استر ساعة اضيق من ضيقه واستر لو حب"، من هنا، فنحن امام حكم رشيد يخاف على الشعب.
مناسبة هذا الحديث، التعديلات التي ادخلت، او المقترحة على شروط عضوية المجلس البلدي، على اساس عشرة اعضاء بالتعيين وستة بالانتخاب، وهذا يعني غلبة رأي الحكومة على رأي الشعب، فما دام الامر كذلك فلا حاجة لمجلس بلدي منتخب، ولا حاجة تالياً لسماع رأي الشعب، فالمجلس المعين يقوم مقام الشعب.
الموضوع لا ينتهي عند عدد الاعضاء، انما يشترط بالعضو ان يكون جامعيا، وشرط الشهادة الجامعية مقدور عليه، فحملة الشهادة الجامعية من الكويتيين اكثر من اعداد السيارات، التي تجوب شوارع البلاد ليل نهار، هذا مع عدم التحقيق والتدقيق من حقيقة الشهادة الجامعية، اصلية او مزورة، ووفق علمي لم تنشر حتى الآن احكام المحاكم، حيال قضايا الشهادات الجامعية المزورة التي احالتها الحكومة الى القضاء.
الشهادة الجامعية او الدكتوراه لم تعد تلك الخاصية الرفيعة التي ترفع مكانة الشخص على غيره بالرأي الذي لا رأي بعده، خصوصا، وهنا الاهم اذا ساوينا الخبرة العملية بالقياس إلى الشهادة الجامعية.
وزير الاشغال الاسبق حمود النصف غير جامعي، مسك حقيبة الاشغال، وكانت الوزارة في مرحلة خمول، وفي عهده بنيت الجسور، وخفت الازدحامات المرورية.
عبدالرحمن العتيقي حمل حقيبة المالية والنفط، وكان من انجح الوزراء للمالية والنفط، وهو غير جامعي ايضاً، وعبدالعزيز الصقر هو الذي ادخل نظام الملف العائلي إلى وزارة الصحة، وهو غير جامعي.
الدكتور عبدالرزاق العدواني انجح طبيب جراح قلب، لكنه فشل كوزير للصحة، وخالد المسعود من انجح وزراء التربية، وهو لا يحمل الا الابتدائية القديمة التي تعادل المتوسطة حالياً.
عبدالعزيز المساعيد انجح صحافي لانجح جريدة يومية، وعلى هذا المنوال خذ عندك اخرين ممن قادوا البلاد في اقسى مرحلة، وهي مرحلة البناء.
الشهادة الجامعية مجرد "بشت" يضعه الخريج تحت ابطه، والديوانيات لم تعد مفخرة ولا بوابة للنجاح مقابل الخبرة في الحياة.
الملياردير الاميركي الذي اختاره ترامب مستشاراً ترك المدرسة، وانصرف للعمل الخاص، ونجح، وهناك اخرون ناجحون من امثاله بلا شهادات جامعية.
اعود واقول: الشهادات الجامعية ليست قياسا، للنجاح ولا مفخرة للجامعي الشهادة، وليست للنجاح انما مظهر من مظاهر التفاخر اجتماعي.
بالمناسبة المجلس البلدي الحالي معظمه جامعيون ومهندسون فما هي الانجازات العظيمة، والمعجزات الناجحة التي انجزوها؟ لا تزال الشوارع خربة، والازدحام مأسوي، واين مشروع السكك الحديدة، وميناء مبارك، والمطار خذ على هذا المنوال؟
الشهادات الجامعية، او شهادات اعلى، لن تقاس بالخبرة الحياتية وابحثوا في التاريخ.
صحافي كويتي
[email protected]