الوفاء خُلق الأنبياء، وشيمة الصالحين، وعنوان كمال النفس. وقد ضرب رسول الله(صلى الله عليه وسلم) أروع الأمثلة في الوفاء بعد الموت، فحين توفي أبو سلمة دعا له وقال: "اللهم اغفر لأبي سلمة، وارفع درجته في المهديين" (رواه مسلم)
وكان (صلى الله عليه وسلم) يدعو لشهداء أحد، ويخصهم بأسمائهم، ويزور قبورهم ويدعو لهم، وقد سار على نهجه العلماء، فجعلوا من الدعاء للأموات سُنّة وفاء. فهذا الإمام أحمد بن حنبل يقول:"ما صليت منذ أربعين سنة إلا وأنا أدعو للشافعي". (طبقات الحنابلة). وكان يدعو في سجوده: "اللهم اغفر لأبي زرعة، وعبد الرحمن بن مهدي". وكان البخاري إذا مرّ على حديث فيه اسم شيخه، رفع يده ودعا له، وفاءً لمن حمل عنه العلم.
وقال الذهبي في سير أعلام النبلاء: "وقد ترحّمت عليه مراراً، وأدعو له في خلوتي".
أما ابن تيمية، فكان لا ينسى شيوخه في دعائه، خصوصا عبد القادر الجيلاني، والإمام أحمد، وقال عنه تلميذه ابن عبد الهادي: "كان كثير الدعاء للأموات ممن أحسنوا إليه".
وهكذا كان الوفاء حياً في قلوبهم، لا ينقطع بانقطاع الحياة، بل يبقى حياً ما دامت الذكرى والدعاء. فالعبد الصالح إذا مات، ينقطع عمله إلا من ثلاث، ومنها: "أو ولد صالح يدعو له"( رواه مسلم"
وهذا لا يختص بالأب والجد فقط، بل يدخل فيه كل من أحسن إليك في الدنيا: أستاذ، أخ، صديق، جار، أو زميل.
فيا من تقرأ هذه السطور: هل دعوت اليوم لصديقك الذي رحل، هل تذكّرت من تقاسم معك أيامك ثم انقطع عنك تحت التراب؟
اجعل لك ورداً من الدعاء لأصدقائك الموتى، فإنهم أحوج ما يكونون إليه، وأنت به وفيّ، وربك به رحيم.
وأما رئيس وزراء مصر في العهد الملكي محمود فهمي النقراشي باشا، رحمه الله، الذي اغتالته يد الغدر وجماعة الإرهاب، لكونه شجاعا، واتخذ قرارا جريئا بحل جماعة "الإخوان" الإرهابية، فإننا لاننساه، وندعو له بالرحمة، وأن يرزقه الله منازل الشهداء كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: "طوبى لمن قتلهم وقتلوه".
ونسأل الله أن يطهر الكويت، وجميع بلاد المسلمين من أفكار التكفير والاغتيال، والانقلابات والغدر.
كاتب كويتي