في الشرق الأوسط، لا تأتي الأزمات بمواعيد، لكن ما ميّز الأسبوع الماضي، لم يكن التصعيد وحده، بل الأسئلة التي ارتفعت بصمت وقلق في كل مكان:
هل يتّسع نطاق الصراع، هل نشهد اضطرابات في الإمدادات أو الأسواق، وهل نحن مستعدون لما لا يُتوقّع؟
في مثل هذه اللحظات، لا يُقاس الأداء الحكومي بسرعة الرد فقط، بل بمدى الجاهزية، وعمق التخطيط، وصدق الخطاب العام.
من تجربتي في قيادة مشروع وطني لاستمرارية الأعمال والتعافي من الكوارث في الكويت، أدركت باكراً أن أكثر السيناريوهات صعوبة، ليست تلك التي تحدث، بل تلك التي نتجاهل احتمال وقوفعها.
اليوم، أمام الحكومات أربع مهمات لا تحتمل التأجيل:
1- تواصل شفاف ومدروس، يطمئن، ويواجه التضليل دون مبالغة أو تردد.
2- خطط طوارئ قابلة للتنفيذ تشمل الصحة، الطاقة، الغذاء، والخدمات الأساسية.
3- تنسيق إقليمي فعّال يدير المخاطر المشتركة، بدل أن يراكمها.
4- استقرار اقتصادي تحميه سياسات نقدية ومالية تقي من الارتباك في الأسواق.
في موازاة ذلك، لم تعد أدوات الذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية مكملة للاستجابة، بل أصبحت في صلبها، من خلال:
• أنظمة إنذار مبكر تعتمد على البيانات الحية وصور الأقمار الصناعية.
• تحليلات تنبؤية ترشد صانع القرار في الوقت المناسب.
• منصات اتصال وطنية لمكافحة الشائعات وبناء الثقة.
• دفاعات سيبرانية متقدمة تحمي البنية التحتية من الهجمات خلال فترات التوتر.
• أنظمة صحية رقمية، توزّع الموارد وتدير الطوارئ بكفاءة.
خلال الأسبوع الماضي، فعّلت الكويت منظومة تنسيق وطني شملت قطاعات الصحة، التجارة، الأمن الغذائي، الطاقة، والتعليم، بدعم مباشر من مجلس الوزراء، وبتواصل مؤسسي يوازن بين الطمأنة والمتابعة الدقيقة.
في خلفية هذا المشهد، تواصل الدولة تعزيز بنيتها التحتية الرقمية، ورفع جاهزيتها السيبرانية، وتوسيع استخدام الذكاء الاصطناعي، ليس كمشروع تقني مستقبلي، بل كأداة جاهزية وطنية فعالة، تدعم القرار، وتمنح الرؤية في الزمن الحقيقي.
في زمن اللا يقين، تبرز أهمية القيادة الاستباقية.
فبناء الثقة لا يتحقق من خلال البيانات وحدها، بل من خلال وضوح الرؤية، وتكامل الرسائل، واستمرارية الحضور المؤسسي في كل مرحلة، قبل الأزمات وخلالها وبعدها.
مهندسة وكاتبة