شفافيات
لم أجد للحكماء ولا الخبراء، ولا من جرَّ جرتهم؛ خيرا في اجتماعياتهم في الناس خيرا من محدودية العلاقات، او شبه العزلة الحياتية، كاحسن انموذج اجتماعي يسيرون عليه، حفاظا على شفافية عقولهم، ورقة وعميق افكارهم.
فأقل مافي خلطة الطبايع تشويش الاذهان، واكتساب الاخطاء، وقد قال بن حزم في كتابه النفسي القيم "مداواة النفوس وتهذيب الاخلاق": الناس كالنار؛ دافئهم ولا تخالطهم. فمن يخالط النار يحترق.
هذه المقدمة كلها من اجل ان اقول لكم؛ إن السيد بيكاسو الرسام المشهور، كان جالسا في مقهى من المقاهي يحتسي القهوة وحده، معتزلا الخلائق كلها؛ وكان اثناء جلوسه يرسم للتسلية فنجان قهوة منسكباً منه بعض القهوة على الطاولة.
وكانت هناك فتاة شابة تراقبه هذا الوقت، وهو يضع القلم منتهيا من رسمته، ويهم بالخروج طاويا الوريقة التي رسم عليها الصورة ليلقيها في الزبالة؛ فسألته ان يبيعها الصورة التي رسمها في دقائق شربه للفنجان، فقال لها: إنها بثلاثمئة دولار، فدهشت لهذا السعر المرتفع جدا!
وقالت له: ولماذا هذا السعر المرتفع يا سيدي، وقد رسمتها اثناء شربك فنجان القهوة؟
فرد عليها الرسام الشهير قائلا: لقد قضيت كل عمري في تعلم رسم مثل هذه الصورة.
وقت رسم الصورة عند بيكاسوا هو ما نسميه في علم التربية الخبرة التراكمية... يعني ان التراكمية في رسمة الفنان هذا لهذه الصورة مدتها تراكم خبرات عمر بيكاسو كلها، حتى يأخذ درجة مئة في المئة في امتحان الثانوية العامة. وسلم لي على الـ"مترو" يا راعي المئة في المئة في الثانوية العامة.
كاتب كويتي