يعد التعليم حقا أساسيا من حقوق الإنسان، وهو حجر الأساس لتقدّم الأفراد والمجتمعات، وقد أولى الدستور الكويتي والقوانين المنبثقة منه اهتماماً كبيراً بطلبة العلم، سواء أثناء دراستهم الأساسية، أو في إطار الجمع بين الدراسة الجامعية والعمل.
وينص الدستور الكويتي على أن التعليم حق تكفله الدولة، وتعمل على نشره وإتاحة فرصه لجميع المواطنين، ويمثل هذا النص الدستوري المظلة التي تعمل تحتها كل القوانين المعنية بتنظيم هذا الحق، والضامنة لتوفير بيئة تعليمية ملائمة تحفظ كرامة الطالب، وتُعزز من مشاركته في بناء وطنه.
ومن أبرز الضمانات القانونية، التي وفرها النص الدستوري المساواة، وعدم التمييز بين الدارسين، لأي سبب كان، سواء بسبب جنس، أو أصل أو حالة اجتماعية.
وتحرص وزارة التربية في حقيقة الأمر على الالتزام بهذا المبدأ عبر لوائح تنظيمية صارمة، تضمن المساواة في قبول الطلبة، وتوزيع الفرص التعليمية، وتوفر بيئة آمنة تحمي الطلبة من كل أشكال العنف والإيذاء، الجسدي أو النفسي.
وعطفا على ما سبق لا ننسى الحق في الرعاية الصحية عبر خدمات صحية مدرسية وإرشادية لضمان سلامة الطالب نفسياً وجسدياً، إضافة إلى توفير العناية بالطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة، وتكييف مناهج خاصة تلائم قدراتهم.
وما يتعلق بالتزام وزارة التربية بتوفير المدارس، والمناهج، والكوادر التعليمية المؤهلة لتحقيق مستوى علمي مناسب لطلابها.
ومن الحقوق المحفوظة للطلبة المشاركة، وإبداء الرأي في المسائل المتعلقة بالشأن التعليمي، أو الأنشطة الطلابية، وقد خصصت مجالس الطلبة لتكون وسيلة تواصل فاعلة بين إدارة المدارس والطلبة.
كما ننوه إلى ان هذه الحقوق لا تقتصر على المدارس الحكومية فقط، بل تلتزم أيضا المدارس الخاصة بمعايير التعليم وضمان حقوق الطلبة، وفق لوائح وزارة التربية.
وكل ما سبق هي حقوق عامة للجميع في مختلف المراحل الدراسية، أما المرحلة الجامعية وما بعدها، فترتبط في الغالب مع حق جديد بالجمع ما بين الدراسة والعمل، فمع التطور الاقتصادي، والانفتاح على سوق العمل، يختار بعض الطلبة الجامعيين، أو الدارسين في المعاهد ان ينخرطوا في العمل إلى جانب الدراسة.
وقد برز في هذا الموضوع إشكالية التوفيق بين الالتزامات التعليمية والواجبات الوظيفية،خصوصا في ظل حاجة البعض للعمل لتغطية نفقاتهم.
وما نود توضيحه في هذا الجانب أن القانون الكويتي، وإن لم ينص صراحة في تشريع مستقل على تنظيم عمل الطلبة الدراسين، إلا أن هناك قواعد عامة، ومبادئ مستقرّة تُساهم في حماية حقوقهم، منها حق الطالب العامل في عدم التعسف بحقه الوظيفي، فإذا التحق بوظيفة لدى جهة ما، فإن قانون العمل في القطاع الأهلي رقم 6 لسنة 2010 يضمن له الحقوق الأساسية كأي عامل، ومنها الأجر العادل، وساعات العمل المناسبة.
وفي ما يخص قانون الخدمة المدنية ولائحته التنفيذية فقد نص على إمكانية منح الموظف إجازة دراسية إذا حصل على موافقة الجهة المختصة، بشرط أن يكون القيد الدراسي نظامياً، ولا يجوز لصاحب العمل إنهاء عقد الطالب العامل لمجرد التزامه بالدراسة، أو حضوره الامتحانات، إذا كان ذلك قد تم بالتنسيق مع الإدارة، ويُعتبر الإنهاء في مثل هذه الحالة تعسفيا، ويترتب عليه المطالبة بالتعويض.
كما تعمل بعض الجهات، الحكومية والخاصة، على منح الموظف الطالب ساعات عمل مرنة، أو منح إجازات خلال فترات الامتحانات، وذلك وإن لم يكن إلزاميا بحكم القانون، إلا انه عرف إداري تراعيه بعض الجهات التي توفر فرص عمل للطلبة، ومن بينها القطاع النفطي الذي يمنح الطالب الموظف تسهيلات كبيرة، إدراكا منه لأهمية العلم في تطوير قدرات الكوادر الوطنية.
وفي كلمتنا الأخيرة نوجه التهنئة للمتفوقين والناجحين في الثانونية العامة، ونقول: إن الجمع بين الدراسة والعمل لا يخلو من تحديات، منها ضغط الوقت، وصعوبة الالتزام بمتطلبات التعليم والوظيفة معا، وهنا نوصى الطلبة بأهمية الإلمام بحقوقهم القانونية كاملة، ومطالبة جهات عملهم بتسهيلات مشروعة تكفل لهم التوفيق بين التزاماتهم العملية والدراسية.
محام كويتي