الجمعة 04 يوليو 2025
43°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
لبنان مع الرئيس ترامب والأشقّاء
play icon
كل الآراء

لبنان مع الرئيس ترامب والأشقّاء

Time
الأربعاء 02 يوليو 2025
View
10
د.جورج شبلي

لم يفاجئني كلام الرئيس الأميركي دونالد ترامب، عندما تحدّث عن لبنان، مرّتين، وقوله: "إنّ لبنان هو سويسرا الشّرق، وسنعيده".

وأفهم، من كلامه، أنّ الرئيس ترامب اتّخذ قراراً بإعادة لبنان الى ما كان عليه من رَفاه منذ منتصف القرن الماضي، وحتى اندلاع حربِ الآخرين، التي دمّرته، وأودت به في غياهبِ القتل، والانحطاط.

ما يلفت هو الجهد الأميركي لإحلال الاستقرار في وطننا، بمواكبةٍ كريمة من الدّول الشقيقة في الخليج، والتي تخصّ لبنان باهتمامٍ قَيِّم في كلّ المجالات، ليستعيد دورَه الحضاري، ومركزه الثقافي والمالي المرموق في شرقنا العربي.

إنّ كلام الرئيس ترامب ليس مجاملة، وكذلك مواقف الملوك والأمراء في الخليج الأَغَرّ، بل إرادة صادقة ليعود لبنان مركز جَذبٍ إقليمي مزدهر، لما يتمتّع به من حريّة، وانفتاح، وجَمال طبيعيّ جاذِب للسياحة، ونَبض ثقافي وازِن، وأرض خصبة للاستثمار...كلُّ ذلك لتعود البلاد الى زمنِها الذّهبي.

ومع خالص الشّكر لمبادرة الرئيس ترامب، ولموقف الأشقّاء النّبيل، تجدر الإشارة الى ضرورة مساهمة لبنان لإنجاح المبادرة والموقف، وذلك من خلال أمرين هما حصريّة السلاح بيد الدولة، وتحرّك اللّوبي اللبناني في الولايات المتحدة الأميركية تماشياً مع رغبة الرئيس ترامب والأشقّاء بمساعدة لبنان، ووضعِه على سكّةِ الخلاص.

لن يعود لبنان الى عهدِ الازدهار، والأمان، إلّا بإقفال مِلفّ تفشّي السّلاح خارج الدولة، أياً يكن المُمتَلِك، بلدياً أم غريباً، فتسليم السّلاح أمر مُلزِم لتستعيد الدولة، وحدَها، قرار الحرب والسِّلم، فلا يبقى على كامل مساحة الوطن، سلاح غير شرعيّ يورّط البلدَ، وقد فَعل، بحربٍ كارثيّة، ونزاعاتٍ داخليّة، لا تكون نتائجها إلّا الخراب، والضحايا، وضرب سيادة الوطن، ودحرجته الى جهنّم لا يمكنُه النّجاة منها.

إنّ وجود سلطةٍ مستقوية فوق سلطة الدولة، يعني استمرار غَرز المزيد من التشظّي في جسم الوطن، وضرب مسيرة العيش المتكافِل الذي يحفظ حقّ الكرامة الوطنيّة، ويمنع تعميق الهوّة بين الشّعبِ وآماله، والقضاء على قِيَم الحرية، والديمقراطية، والحقّ بالحياة الكريمة، لتتحكَّمَ، في المقابل، مافيات، وغيتوات مسلّحة، برقاب النّاس.

وهكذا، لن يقوم لبنان من عثرتِه، ولن يعود وطناً نظيفاً، يعبرُ الى فسحات الحرية والحقوق، واستناداً، يُجهَضُ وعد الرئيس ترامب، واهتمام الأشقّاء، ويتمّ القضاء على فرصة يتيمة مُتاحة ليعبر لبنان الى الصحّة، وإلى مشروع الدولة، وإلى نهوضٍ واعدٍ بصبحٍ نقيّ.

إنّ المطلوب، إذاً، من جميع المسلَّحين الذين يتذرّعون بألف حجّة سفسطائيّة، وعلى رأسهم "حزب الله"، أن يبادروا، فوراً، الى تسليم سلاحهم الى الجيش اللبناني، فلم يعد الشّعب يقبل السّكوتَ عن الأمن المنهوب، الذي ضعضعَ البناء الوطني، وشكّل خطراً على الكيان، واستبطنَ مشروعاً عنصرياً جعلَ البلادَ جثّةً متكلِّسة.

فالشعب لم يعد يريد إلّا انتشال لبنان مِمّا زجّه به المستقوون من مغامرات عبثيّة، ومخطّطاتٍ مشبوهة، منعته من العبور الى القيامة المرتجاة.

أمّا المطلوب من اللّوبي اللبناني في أميركا، فهو أن يشكّل مجموعة ضغط تسعى إلى مواكبة ما قاله الرئيس ترامب، وتسعى إلى أن تتخّذ الإدارة الأميركية القرارات التي تصبُّ في مصلحة لبنان.

عِلماً أنّ اللبنانيّين في أميركا ناجحون، ويملكون طاقاتٍ هائلة، لكنّ المطلوب منهم التنسيق والتّنظيم. إذاً، من الضروري أن يعبرَ اللبنانيّون الأميركيّون الى حالةِ نُضوج ومهارة، ليترسّخَ تعاونُهم، ويبدأوا بحراكٍ مُمَنهَج يسعى الى التّأثير، ويستثمر العلاقات المتينة بين الدّولتَين، ما يرتدُّ ضَخاً للحياةِ في جسدِ الوطن المرتعِش، وتأطيراً لطلّةٍ أميركا ضمن ظواهر الاقتصاد، والاجتماع، والثقافة، والإنماء، لترجحَ، في لبنان، كفّةُ الصّوابِ والأمل.

إذا طلبنا بحراكٍ فاعل يمارسُه اللوبي اللبناني في أميركا، فلأنّنا نعرف، تماماً، أنّ هذا الحِراك يمكن أن يضغطَ على صُنّاع القرار، وله تأثيرٌ في الإدارة الأميركية التي هي صانعة القرار الدّولي، وذلك، من أجل خدمة المصلحة اللبنانية، سياسياً، وأمنياً، واقتصادياً، وصحياً، ضمنَ أُطُرٍ تنظيميّة تعود بالنَّفع الأكيد على الصّالح العام. وهكذا، يضمن لبنان استقراره، ويصون ديمقراطيّته وحريّة قراره، ويتفرّغ للتنمية المستدامة، لتسود العدالة والكرامة لشعبه.

شكراً للرئيس ترامب، لما أبداه من اهتمام بلبنان، ولسلطته الشّرعية، وشكراً لدعم أشقّائنا في الخليج، إنّ مواقف الرئيس والأشقّاء تجاه بلدنا، والتي نقابلها بالتّقدير والتّثمين، تحفّزُنا على مطالبة الرئيس ترامب بتنفيذ وعوده من دون إبطاء، ليعود الرَّفاه والازدهار الى وطننا، وينعم شعبُنا بالسّلام والحياة الكريمة.

كاتب واستاذ جامعي لبناني

آخر الأخبار