الجمعة 04 يوليو 2025
43°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
أضاعوني وأيّ فتى أضاعوا  ليوم كريهة وسداد ثغرِ
play icon
كل الآراء

أضاعوني وأيّ فتى أضاعوا ليوم كريهة وسداد ثغرِ

Time
الأربعاء 02 يوليو 2025
View
50
محمد الفوزان
قصص إسلامية

أول من أنشد هذه الأبيات هو عبدالله بن عمر بن عمرو بن عثمان بن عفان الملقب بـ"العرجي". وتمر بضع سنوات بفاتح السند والهند محمد بن القاسم الثقفي، الذي فتح بلاد السند وعمره 17 عاماً، فينشدها حزيناً مكتئباً لما لاقاه من جحود ونكران، وهو الذي فتح فتوحات عظيمة.

لقد نجح فتى ثقيف القائد محمد بن القاسم الثقفي في القضاء على ملك السند داهر، وأصبح الطريق مفتوحاً لفتح بلاد الهند، حدث تطور خطير جداً، ومأسوي؟

بعد فتح السند وقتل ملكها داهر، وضع محمد بن القاسم خطة لفتح الهند كلها، وكان يستعد لفتح مملكة "قَنوج" أعظم إمارات الهند، وكانت تمتد من السند إلى البنغال، وقد أوفد بعثة من رجاله إلى ملكها تدعوه إلى الإسلام أو الجزية، فردّ الملك الوفد ردّاً غير كريم.

فأخذ محمد يعد العدّة لفتحها، وجهز جيشاً فيه عشرة آلاف من الفرسان، وبينما كان يتهيأ لهذا الفتح العظيم، إذ جاءه خبر وفاة الخليفة الوليد بن عبد الملك، وتولى أخوه سليمان بن عبد الملك الخلافة.

كان تولي سليمان بن عبد الملك خلافة المسلمين نهاية محمد بن القاسم الثقفي، رحمه الله، وذلك بسبب البغض الذى كان يكنّه سليمان بن عبد الملك للحجاج بن يوسف الثقفي، وأهل بيته، وكل عمّاله على الأقاليم والثغور، لما ارتكبه الحجاج من مظالم في حق الكثير من المسلمين، ولأن الوليد بن عبد الملك في آخر أيامه أراد أن ينزع أخاه سليمان بن عبد الملك من ولاية العهد ويعطيها لابنه عبد العزيز بن الوليد، فبايع الحجاج بن يوسف الوليد في خلع سليمان.

وقد مات الحجاج قبل الخليفة الوليد بن عبد الملك، فلما تولى سليمان الخلافة بدأ يغيّر ولاة الحجاج، و لم يكن للبطل محمد بن القاسم الثقفي من ذنب لدى الخليفة الجديد إلا أنه ابن عم غريمه الحجاج، فعزم على الانتقام منه.

حاول البعض إقناع محمد بن القاسم بالعصيان والاستقلال بهذه البلاد البعيدة عن مركز الخلافة، خصوصا أن الجند، وكل أهل السند يحبونه، إلا أن هذا القائد العظيم رفض شق عصا المسلمين، رغم ما يعلمه من المصير الأسود الذي ينتظره، وأخذ أمير السند الجديد يزيد بن كبشة السكسكي محمد بن القاسم وقيّده وحمله الى العراق، فقال محمد بن القاسم:

"أضاعوني وأيّ فتى أضاعوا

ليوم كريهة وسداد ثغرِ".

استعد محمد بن القاسم لمصيره صابراً محتسباً، فخرجت الجموع الحاشدة لتوديعه باكية حزينة، لم يكن العرب وحدهم يبكون على مصيره، بل أهل السند من المسلمين، وحتى البرهميين والبوذيين، كانوا يذرفون الدموع الغزيرة، وصوَّره الهنود بالحصى على جدرانهم، ليبقى شخصه ماثلاً للعيون، وجزعوا لفراقه جزعاً شديداً، لحسن معاملته لهم وتأمينهم على أموالهم وأنفسهم، بعد أن قاسوا كثيرا من ظلم وجور الحكام الهندوس.

وصل محمد بن القاسم الثقفي إلى العراق، فأرسله والي العراق صالح بن عبد الرحمن مقيداً بالسلاسل إلى سجن مدينة واسط، وهناك عذبه أشهراً بشتى أنواع التعذيب، حتى مات البطل الفاتح في سنة 95هجرية، دون أن يشفع لهذا القائد الشاب بلاؤه الرائع في توسيع رقعة الدولة الإسلامية، ولا مهارته الفذة في القيادة والإدارة.

مات محمد بن القاسم الثقفي، ولم يبلغ العشرين من عمره، بعد أن فتح الفتوح، وقاد الجيوش، وضم شبه القارة الهندية العظيمة إلى رقعة الإسلام.

 إمام وخطيب

[email protected]

آخر الأخبار