السبت 05 يوليو 2025
41°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
من البرياني إلى إسرائيل: انكشاف حقيقة أميركا المُرّة
play icon
كل الآراء

من البرياني إلى إسرائيل: انكشاف حقيقة أميركا المُرّة

Time
الخميس 03 يوليو 2025
View
70
عبدالعزيز محمد العنجري

لطالما قدّمت الولايات المتحدة نفسها بوصفها الحاضن الأول لقيم التعددية والمساواة، لكن هذه الصورة لا تلبث أن تتصدّع مع كل محطة انتخابية، تشهد صعود مرشّحين من أصول غير تقليدية، في السياق الأميركي العام.

أحدث هذه المحطات هي قضية زهران ممداني، المولود في كمبالا، أوغندا، لأب هندي وأم هندية-أميركية. انتقل إلى الولايات المتحدة في سن السابعة عام 1998، وحصل على الجنسية الأميركية في عام 2018.

خاض لاحقاً سباق الترشح لمنصب عمدة نيويورك، في خطوة استُقبلت بدايةً بوصفها تجسيداً حياً للتنوع الأميركي.

لكن ما إن أظهرت الاستطلاعات تقدمه على المرشحين، حتى تحوّل الترحيب إلى هجوم، وانتقلت الحملة إلى التشكيك في هويته، وخلفيته الثقافية والدينية.

مقطع مصوّر يظهر فيه وهو يأكل "البرياني" بيده، استُخدم في وسائل إعلام بطريقة ساخرة ومهينة، ووصِف سلوكه بأنه "متخلف"، و"غير أميركي". وسرعان ما تصاعد الهجوم من شخصيات سياسية، بعضها من اليمين، وأخرى من أوساط ليبرالية كانت تدّعي دعم التعددية.

ما جعل ممداني يُنظر إليه كتهديد، لم يكن خلفيته فقط، بل اعتراضه العلني على سياسات إسرائيل، وابتعاده عن الخطاب الأميركي التقليدي حيالها، مدعوماً بتأييد واضح من ناخبيه.

وقد أثار هذا الموقف قلقاً واسعاً لدى دوائر النفوذ، خصوصا حين سُئل في مناظرة عن إمكانية زيارته لإسرائيل، فأجاب بأنه سيبقى إلى جانب ناخبيه في نيويورك.

كما وصف السياسات الإسرائيلية بنظام الفصل العنصري، ودعا لمقاطعة التبرعات التي تدعم المستوطنات.

والمفارقة أن ممداني لا ينتمي إلى أي طيف ديني متشدد، بل يُعرف بدعمه العلني لحقوق المثليين والمتحولين جنسياً، وبانفتاح حياته الاجتماعية.

ومع ذلك، وصفه البعض بأنه "داعشي"، أو "متطرف إسلامي"، ما يكشف أن الاستهداف لا علاقة له بالاعتدال، بل بتجرّوئه على كسر التوافق الأعمى المفروض حول إسرائيل.

وقد بلغ الهجوم عليه ذروته بتصريحات من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، دعا فيها إلى سحب جنسيته، وترحيله، بزعم "تواطئه مع أجندات شيوعية"، و"إعاقته لعمل سلطات الهجرة"، وهي تصريحات تكشف نمطاً خطيراً من تسليح أدوات الدولة ضد الخصوم السياسيين المنتمين إلى الأقليات.

تظهر قضية زهران ممداني أن قبول التعددية في السياق الأميركي مازال مشروطًا. والمفارقة الأعمق تتضح حين نرى أن دوائر الضغط الصهيوني لا تتحرك ضد المسلمين لمجرد هويتهم، بل حين يقترب أحدهم من موقع تأثير فعلي.

فحين يترشّح ممداني لمنصب عمدة نيويورك، أو حين يرشّح الرئيس ترامب الدكتور أمير غالب سفيراً لواشنطن لدى الكويت، تنطلق الحملات الممنهجة ضد كلٍّ منهما، بالاتهامات ذاتها: التطرف، معاداة السامية، التواطؤ مع أجندات أجنبية.

والدكتور أمير غالب، الطبيب الأميركي اليمني الأصل، يُمثّل قصة نجاح لافتة بما حققه مهنياً، واجتماعياً وسياسياً، وتمسّكه بهويته الدينية المحافظة.

ومع ذلك، لم يُعفِه ذلك من الاستهداف، لمجرّد دعمه قرارات محلية لمقاطعة شركات مرتبطة بالاحتلال الإسرائيلي.

فرغم فوزه في انتخابات نزيهة، يظل مهدداً طالما أن مواقفه لا تتوافق مع السياسات الإسرائيلية، إذ في منطق هذه المنظومة، لا يكفي أن تكون نزيهاً ومخلصاً، بل يجب أن تُصنّف في خانة الولاء الكامل… أو تتحمّل عواقب الاختلاف.

Abdulaziz_anjri@

آخر الأخبار