اللهم اغفر لعبدك الدكتور بدر جاسم اليعقوب، وارحمه رحمةً واسعة، كما رحمتنا به حيّاً، وكما ألهمتنا به سُبل الخير والعدل والنور.
نقف اليوم أمام جلال الغياب، أمام سكون لا يشبه إلا وقار العظماء، أمام رحيلٍ ليس كأي رحيل…فقد ارتقى إلى جوار ربه علمٌ من أعلام القانون في الكويت والوطن العربي، وأحد الرجال الذين ما لانت لهم قامة، ولا انحنى لهم مبدأ.
كيف نرثي من لم يكن أباً فقط، بل قدوةً ورايةً، وعلامةً مضيئة في سماء العدالة والمعرفة؟
كيف نُترجم في كلمات حزناً على من وهب عمره للوطن، وفكره للحق، ووجدانه للناس؟
الدكتور بدر جاسم محمد اليعقوب، الوزير، الأكاديمي، العالِم والمربّي، العميد والمعلم، كان بحق ركناً راسخاً في صرح التعليم القانوني، وواحداً من أعمدة الفكر القانوني العربي، حمل أمانة المسؤولية في أرقى صورها، وتقلد المناصب لا طلباً لمكانة، بل أداءً لرسالة.
من منصبه كوزير للإعلام، إلى عمادته لكلية الحقوق في جامعة الكويت، كان كما عهدناه دوما رجل دولة بامتياز، ومواطن لا يشبه إلا الوطن في نقائه وإخلاصه.
لم يغلق بابه يوماً أمام صاحب حاجة، ولم يدخر جهداً في سبيل رفعة الكويت ورفعة الإنسان.
بكاه طلبته، وزملاؤه، ومحبيه، بل بكته الكويت… بكاه القانون، وبكته القيم.
تواضعه كان تاجاً فوق هامته، ومحبته في القلوب لا توصف.
عاش بسيطاً كبيراً… وغاب عزيزاً مهيباً.
لقد سخر حياته لخدمة الكويت، وخلّد اسمه في قلوب من تتلمذ على يديه، ومن قرأ مؤلفاته، ومن رآه قدوةً تُحتذى في النزاهة والإخلاص.
رحل الجسد، لكن البصمة باقية… رحل الصوت، لكن الصدى لا يموت… رحل الأب، والمُعلّم، والإنسان، لكن سيرته ستظل منارةً يهتدي بها من سار في درب العدل والحق.
اللهم اجزه عن وطنه، وعن طلابه، وعن أهله، وعنّا خير الجزاء.
اللهم وسّع له في قبره، واجعل الجنة مثواه، وارزقنا حسن التأسي بما زرع من قيم، وبما خلف من ميراثٍ علميٍ وإنسانيٍ خالد.
إلى جنان الخلد يا أبتاه… سلامٌ عليك في الخالدين.