رَأْسُ الْحِكْمَة مُخَالفَةُ الْهَوَى

حوارات

"وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ" (ص 26).

يشير الهوى في هذه المقالة الى الميل السلبيّ الفطريّ، أو المكتسب في اتّباع النفس للشهوات، ومن يخالف هواه هو من يكبحه بإرادته، ويمنعه من إلقائه تدريجياً في الهلاك النفسيّ والأخلاقيّ.

ومن بعض أمثلة الأمور التي يقوى فيها الهوى البشري المتقلّب، وكيفية مخالفته بهدف السير على السراط الأخلاقي المستقيم، في عالم اليوم المضطرب، نذكر ما يلي:

-الميل المفرط الى الشهوة: يُفرِط الانسان في اتّباع شهوات جسده، حتى يبدأ يتحكّم هواه في تصرّفاته، ويخرجه من أطر الأخلاق المتعارف عليها في بيئته المحيطة، والشهوة التي يقودها الهوى تخاطب النفس الأمّارة بالسّوء، ويخالف العاقل هواه عن طريق الاستمرار في ضبط نفسه قدر استطاعته البشرية.

-دوام مراقبة الله عزّ وجلّ: الدوام هو الاستمرارية والثبات في عمل شيء ما، وعندما يرسخ في عقل الانسان أنّ المولى عزّ وجلّ يراه ويسمعه، في سرّه وعلنه، وأنه لا يخفى عليه شيء من أموره الدنيوية، فهو سينجح في مخالفة هواه والتحكّم به، ودرء شروره، وإصلاح نفسه، وترويض نفسه الأمّارة بالسوء.

-الطمع مطيّة الهوى: يتنقّل الهوى على ظهر الطمع بسبب أنّه يؤدي الى إشتداد غلبة الرغبة على حساب العقل، وكلما خفّ تأثير الطمع (الحرص والنهم، والشره، والجشع) على التفكير الشخصي استطاع الانسان مخالفة هواه، وضبط نفسه، والتحكّم بميوله النفسيّة والفكريّة والسلوكيّة.

-مخالطة الصالحين: تقوى همّة الانسان العاقل في مخالفة هواه، عندما يختار بإرادته البحث عن الصالحين في بيئته المحيطة ومجالستهم، والاقتداء بأخلاقهم الفاضلة، والصالحين هم الأغلبية في المجتمع، ومن سماتهم طاعة الله، والأخلاق الفاضلة، والسمعة الطيّبة، وتجنّبهم للكلام الفاحش، وتداولهم فيما بينهم للمواعظ وللقصص الأخلاقيّة وللكلام الأخلاقيّ.

-من لا يتّعظ يَعِظْ الله الناس به: يمنع المرء العاقل نفسه من الانقياد وراء هواه المتقلّب، عندما يستفيد من تجارب الحياة، ويعدّل ويضبط سلوكيّاته الشخصية، ويلتزم بالأخلاق الفاضلة في سرّه وعلنه، وهو يَعْتَبِرُ بما يرى ويسمع وما يجري له، ويخالف هواه حتى لا يصبح هو نفسه عبرة للآخرين.

كاتب كويتي

@DrAljenfawi