ملف النفايات ... قضية ملحة
قدمت عرضاً في مؤتمر "برلمانيون من أجل المناخ" المنعقد في اسطنبول
- مردم جنوب الدائري السادس نموذج حيلفشل السياسات البيئية
- لا معايير واضحة لتصميم المرادم...ولا يمكن إدارة ما لا يُعرف
- %80 من نفايات البناء قابلة للتدوير...وإن عولجت تدر على الدولة الملايين
سوزان ناصر
في ظل التحديات البيئية المتفاقمة التي تواجهها الكويت، برز ملف إدارة النفايات كأبرز القضايا المُلحة التي تتطلب معالجة جذرية عاجلة. وخلال مشاركتها في المؤتمر الإقليمي الثاني لشبكة "برلمانيون من أجل المناخ" في إسطنبول، قدّمت النائبة السابقة عالية الخالد عرضاً مفصلاً حول واقع النفايات في الكويت، مسلطةً الضوء على أوجه القصور التشريعي والإداري والاقتصادي، وداعية إلى تفعيل الستراتيجية الوطنية لإدارة النفايات المعطلة منذ عام 2021. وحذرت من أن تجاهل هذه الأزمة قد يفضي إلى كارثة بيئية وصحية خلال السنوات القليلة المقبلة، إذا لم تُتخذ خطوات حاسمة لمعالجة الوضع الراهن.
وقالت الخالد، في عرض تقديمي بالمؤتمر المنعقد على مستوى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إن مردم جنوب الطريق الدائري السادس يُعد نموذجاً حياً لفشل السياسات البيئية، حيث ما زال يعمل رغم افتقاره للبُنى الأساسية كالبطانة، ونظام معالجة الغازات، ما تسبب في تلوث التربة والمياه الجوفية وارتفاع تركيز غاز الميثان في محيطه، علماً أنه لا يبعد سوى كيلومتر واحد عن مدرسة للبنين، وأقل من ثلاثة كيلومترات عن منطقة سكنية.
وكشفت أن نوعية النفايات داخله تشمل مخلفات خطرة مختلطة تقدر بنحو 59 مليون متر مكعب، ونفايات منزلية بحجم 17 مليون متر مكعب، إضافة إلى نفايات تجارية وزراعية وهدم وبناء، ما أدى إلى تلوث مشبع للتربة وتدهور جودة الهواء، مع تسجيل حالات تلوث للمياه الجوفية عند المنبع والمصب، جعلت هذه الآبار غير صالحة للاستخدام البشري.
قصور تشريعي وإداري واقتصادي
واستعرضت الخالد أبرز الثغرات في النظام الحالي لإدارة النفايات، مشيرة إلى وجود قصور تشريعي يتمثل في غياب التعاريف الدقيقة لمفاهيم النفايات ومساراتها، وغياب توزيع الأدوار بين الجهات المختصة، إضافة إلى عدم وجود معايير واضحة لتصميم المرادم أو آليات جمع ونقل النفايات.
وأشارت إلى ضعف الرقابة وغياب قاعدة بيانات وطنية لرصد النفايات وأنواعها، موضحة أن "من غير الممكن إدارة ما لا يُقاس أو لا يُعرف"، إلى جانب غياب التحفيز الاقتصادي للشركات والمبادرين في مجال إعادة التدوير، رغم وجود فئة شبابية واعية ومهتمة بهذا القطاع.
%3.5 فقط يعاد تدويره
من 43 مليون طن نفايات
وبلغة الأرقام، قالت الخالد إن الكويت تنتج سنوياً نحو 43 مليون طن من النفايات، يُنفق عليها نحو 300 مليون دينار سنوياً، منها 124 مليون دينار لعقود الجمع والنقل، و105 ملايين لعمليات الطمر والحرق.
ورغم هذا الحجم، فإن نسبة التدوير لا تتجاوز 3.5% فقط، ولا يتم استرداد أي طاقة منها، وهي أرقام لا تواكب حجم الإنفاق ولا تعكس التوجهات الحديثة في الاقتصاد الدائري.
ستراتيجية وطنية
غير مفعّلة
وأكدت الخالد أن الكويت تمتلك ستراتيجية وطنية حديثة لإدارة النفايات، أُعدّت بالتعاون مع معهد "فرونهوفر" الألماني، وتضم خمس غايات رئيسية لمعالجة التحديات البيئية:
1. الحد من الآثار البيئية والصحية.
2. تطبيق التسلسل الهرمي للمخلفات وفق نموذج الاقتصاد الدائري.
3. تطوير الأطر القانونية والمسؤوليات المؤسسية.
4. بناء الكفاءات الوطنية ونقل المعرفة من الخبراء.
5. إنشاء قاعدة بيانات مرجعية تسهّل الرقابة والإدارة.
وأضافت أن هذه الستراتيجية كفيلة بتحويل النفايات من عبء بيئي إلى مورد اقتصادي، مستشهدة بأن 80% من نفايات الهدم والبناء قابلة للتدوير، وهي تشكل نحو 20 مليون طن سنوياً، ما يمكن أن يدر على الدولة عوائد بملايين الدنانير.
وختمت الخالد متسائلة: هل ستنتقل الكويت من النفايات المُضرّة إلى النفايات المُدِرّة؟ وهل يمكن أن تسهم هذه الموارد المهملة في التخفيف من أزمة الكهرباء عبر الطاقة المستردة؟
مؤكدة أن الوقت حان لتفعيل الستراتيجية وتجاوز حالة الجمود الإداري والتشريعي في الملف الحيوي.
القصور التشريعي أبرز الثغرات في ملف إدارة النفايات
معهد "فرونهوفر" الألماني