الخميس 17 يوليو 2025
46°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
البديل الستراتيجي وجيب المواطن...والحوكمة ياحكومة (1 / 2)
play icon
كل الآراء

البديل الستراتيجي وجيب المواطن...والحوكمة ياحكومة (1 / 2)

Time
الأربعاء 09 يوليو 2025
View
150
بسام فهد ثنيان الغانم

في أمسيات الدواوين الكويتية هذه الأيام، يكاد لا يعلو صوت على صوت الحديث عن "البديل الستراتيجي"، بين مُتفائل يرى فيه طوق نجاة لميزانيةٍ أثقلها بند الأجور، ومُتشائم يخشى أن يوقظ "وحش المسّ بالمكتسبات"، يجد المواطن نفسه حائرا: هل هو إصلاحٌ منتظر، أم تهديدٌ مستتر؟

في السطور الآتية، محاولةٌ لقراءة متأنّية في مشروعٍ لم يُقرّ بعد، لكنه شغل العقول والقلوب:

***

جذور الفكرة: من أين بدأ الطريق؟

مرّت أكثر من عشر سنوات على طرح أول مسودة لتوحيد سلّم رواتب القطاع الحكومي؛ لكنّ تعاقُب الحكومات، وحلّ المجالس، أبقى المشروع في الأدراج، واليوم يتجدّد النقاش لأن الإنفاق على الرواتب بلغ نحو 40.2 في المئة من إجمالي الموازنة العامة للسنة المالية 2024-2025.

ومع تراجع الإيرادات النفطية الدورية، وتنامي التزامات الرفاه، صار السؤال عن "هيكلة الأجور" سؤالا وجوديا، لا خياراً تجميلياً.

***

ماذا يقترح "البديل" بالضبط؟

الفكرة الجوهرية بسيطة على الورق: ربط الأجر بالوظيفة، لا بالجهة، بحيث يحصل مهندس، أو محاسب، أو ممرض على الراتب الأساسي نفسه، أينما خدم داخل الدولة، مع بدلات تُضبط بمعايير موحَّدة، والمسودة المتداولة والمنتشرة هذه الأيام (ولا نعلم مدى دقتها وصحتها) تعرض جدولاً يبدأ من نحو 100دينار في الدرجة 15، ويرتفع إلى نحو 1030دينار في الدرجة الأولى، قبل إضافة العلاوات الاجتماعية والسكنية، والهدف المعلن هو تضييق فجواتٍ وصلت أحيانا إلى 300 في المئة بين وزاراتٍ وهيئات تؤدي أعمالًا متماثلة!

***

تفاؤل الواقعيين: خمس مزايا يُعوَّل عليها

1- عدالة التوزيع: الموظفون في جهات "مُدلَّلة" لن يتميزوا على أقرانهم في الوزارات التقليدية، ما يوقف "نزيف الانتقال" بحثا عن رواتب أعلى.

2- كفاءة الإنفاق: حين تتقلص الفروقات، تكبح الحكومة نمو فاتورة الأجور دون اللجوء إلى تجميد شامل أو تخفيض صريح.

3- تحفيز الأداء: ربط جزء من الدخل بمؤشرات إنتاج حقيقية قد يحرك جهازاً وُصف طويلاً بالبيروقراطي، وبالمترهل.

4- جاذبية الكوادر النوعية: بإقرار بدلات "ندرة وتخصص" موحدة، يمكن إبقاء الأطباء والمهندسين، النادرين في الخدمة العامة.

5- تبسيط الهياكل: توحيد السُلَّم يسهم في تنقل الموظف بين الجهات، ويُسهِّل التخطيط طويل الأجل للموارد البشرية.

***

تشاؤم الحذرين: أربع مخاوف مشروعة

1- شبهة المساس بالرواتب: رغم تعهد الحكومة بعدم خفض أي راتب حالي، يخشى كثيرون من تجميد الرواتب المرتفعة سنواتٍ طويلة، بينما يتقدم الداخلون الجدد تدريجياً.

2- غياب الثقة في آليات التقييم: أنظمة الأداء في القطاع العام لا تزال في مهدها؛ وإذا ظلّ التقييم صورياً، أو خاضعًا للعلاقات، فلن يَعدِل بدل الأداء بل سيزيد الإحباط.

3- ضغط التضخم: أي تسقيف للبدلات قد يفقد قيمته الحقيقية في مواجهة ارتفاع الأسعار، فيشعر الموظف بتآكل دخله، ولو لم يُخفض اسمياً.

4- المهن الخطرة أو "النائية": إن لم يُخصَّص لها حافز عادل، ستجد الوزارات صعوبة في ملء الشواغر خارج العاصمة أو في التخصصات الشاقة.

***

أين يقف الملف تشريعياً؟

قبل حله لم يُقِرّ مجلس الأمة القانون؛ وكان المشروع يدور في أروقة اللجان، وكانت الحكومة تُجري "روتوشًا" أخيرة قبل الإحالة الرسمية للتصويت. واليوم وفق الأخبار التي تدور، أنه في ديوان الخدمة المدنية، وأن "الإقرار بات قريبا"، إلا أنّ خبرة الشارع، مع مشاريع سابقة، تبقي الحذر سيد الموقف.

***

دروس الجيران وشروط النجاح في الكويت

لكن هل طبّقت دول الخليج هذا النموذج، وهل أنقذها فعلاً، وما الذي يمكن أن تتعلمه الكويت من تجربتها؟

الإجابة في الغد إن شاء الله.

آخر الأخبار