قصص إسلامية
كان سلطان الشام نور الدين محمود يجلس مرة مجالس الذكر، يسمع الحديث النبوي الشريف كعادته، وسمع حديثاً إنّ النبي (صلى الله عليه وسلم) كان يتقلد السيف…فتعجب، وسأل هل كان النبي حقاً يتقلد سيفه بينما جنودي يجعلون السيف في الوسط؟
فلما كان من الغد شوهد يتقلد السيف، هو وكل جيشه تشبها بالنبي (صلى الله عليه وسلم).
وتقلد السيف يكون بجعل حمالته على الكتف خلف الظهر، بدلا من حمله بالوسط، وفي حمله على الظهر يعطي حرية اكثر في الحركة والمناورة.
وفي هذا التصرف يظهر حرص نور الدين على تطبيق السنة النبوية، والاقتداء بأفعال النبي (صلى الله عليه وسلم).
ويعلق في ذلك العالِم ابن قاضي شهبة على هذه الحادثة فيقول:
رحم الله هذا الملك الذي لم يفرط في الاقتداء بالنبي (صلى الله عليه وسلم) بمثل هذه الحالة، بل لما بلغته رجع بنفسه، ورد جنده عن عوائدهم اتباعاً لما بلغه عن نبيه، فما الظن بغير ذلك من السنن.
ومن حبه للشهادة في سبيل الله أن قال له يوماً قطب الدين النيسابوري: بالله يا مولانا السلطان لا تخاطر بنفسك؛ فإنك لو قُتلت قُتل جميع من معك، وأخذت البلاد، وفسد المسلمون؛ فقال له: أسكت يا قطب الدين، فإن قولك هذا إساءة أدب مع الله، ومن هو محمود، ومن كان يحفظ الدين والبلاد قبلى غير الذي لا إله إلا هو... ومن هو محمود؟ قالها احتقارا لذاته.
قال: فبكى من كان حاضراً رحمه الله.
سمعه أحد رفاقه يسأل الله أن يحشره من بطون السباع وحواصل الطير.
أرسلت مرة زوجتُه رسولاً إليه تطلب زيادة في مخصصاتها المالية، يقول الرسول: "فلما قلت له ذلك تنكر وأحمر وجهه ثم قال: من أين أعطيها، أما يكفيها مالها؟
والله لا أخوض نار جهنم في هواها، إن كانت تظن أن الذي بيدي من الأموال هي لي فبئس الظن، إنما هي أموال المسلمين، ومرصَدة لمصالحهم، وأنا خازنهم عليها فلا أخونهم فيها.
ثم قال: لي في مدينة حمص ثلاثة دكاكين ملكاً قد وهبتها إياها، فلتأخذها!
قال الرسول: وكان يُحصّل منها قدراً قليلاً نحو عشرين ديناراً. وقد كان نور الدين من فقراء الشام رغم انه السلطان، رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.
إمام وخطيب
[email protected]