وجهة نظر
يُعتبر التحكيم احدى أهم الوسائل البديلة لحل النزاعات خارج نطاق المحاكم، ويتميز بالسرعة، والمرونة، والخصوصية، مقارنة بالإجراءات القضائية التقليدية، وقد أصبح خياراً مفضّلاً في كثير من العقود، خصوصا في المجالات التجارية والاستثمارية، لما يوفره من حيادية، وكفاءة، في فضّ المنازعات.
تمر إجراءات التحكيم بمراحل عدة، تبدأ باتفاق الأطراف على اللجوء إلى التحكيم، ويكون هذا الاتفاق إما ضمن عقد مسبق، أو يُبرم لاحقاً عند وقوع النزاع.
ويُشترط لصحة اتفاق التحكيم أن يكون مكتوباً، وأن يُحدّد بوضوح النزاع الذي يُحال إلى التحكيم، وهو ما ينص عليه قانون التحكيم الكويتي رقم 11 لسنة 1995 بشأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية.
تبدأ الإجراءات بتشكيل هيئة التحكيم، والتي قد تتكون من محكّم واحد أو أكثر، وفق ما اتفقت عليه الأطراف، وإذا لم يتم الاتفاق، فإن المحكمة المختصة تتدخل لتعيين المحكمين، ويُشترط في المحكّمين أن يكونوا محايدين ومستقلين، كما يجوز استبعاد أي محكّم إذا توافرت أسباب الشك في حياده.
يعقد المحكّمون الجلسات التحكيمية، حيث تُعرض فيها مذكرات الخصوم وأدلتهم، ويتم استجواب الشهود والخبراء إن لزم الأمر، وتتميز هذه الجلسات بالمرونة مقارنة بجلسات المحاكم، إذ يمكن للأطراف الاتفاق على اللغة المستخدمة، ومكان التحكيم، والقواعد الإجرائية التي تُطبّق.
بعد انتهاء عرض النزاع، تُصدر هيئة التحكيم الحكم التحكيمي، والذي يجب أن يكون مكتوباً ومسبباً، ويُعد ملزماً للطرفين. وتُمنح للأحكام التحكيمية قوة تنفيذية بمجرد تصديقها من المحكمة المختصة، ما لم يُثبت وجود سبب من أسباب البطلان مثل مخالفة النظام العام أو وجود غش أو عدم احترام حق الدفاع.
يُعد التحكيم وسيلة فعّالة لتسوية النزاعات بطريقة تحفظ العلاقات التجارية وتقلل التكاليف، وهو يترجم تطوراً في الفكر القانوني الحديث الذي يهدف لتقريب العدالة من الأفراد والشركات بعيدًا عن تعقيدات القضاء التقليدي.
تركي فيصل فالح الخالدي
كلية الدراسات التجارية، قانون