الأربعاء 16 يوليو 2025
39°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
الاستعمار الثقافي وعي للشعوب أم هيمنة خفية؟
play icon
كل الآراء

الاستعمار الثقافي وعي للشعوب أم هيمنة خفية؟

Time
السبت 12 يوليو 2025
View
50
صقر محمد المجيم

الحروب بين الشعوب والمجتمعات ليست وليدة اللحظة، فمنذ الأزل نجد المجتمع الكبير، والمتنفذ في منطقته الجغرافية، يدخل بحروب واستعمارات، تغذي مصالحه الوجودية.

فهذا طبيعي بالنسبة لمثل هذه الكيانات، فكانت تجري عمليات عسكرية بمفهومها التقليدي لتوسع نطاق السيطرة على باقي المجتمعات الأخرى، إلى أن غير المفكرون المفهوم التقليدي إلى امر آخر تماماً.

فبدلاً من أن يكون بعداء مباشر كمجتمع قوي على مجتمع ضعيف، ذهب المفكرون إلى ما هو أبعد من ذلك فقال أحدهم: لماذا لا نتجه لتحريك ثقافتنا القوية في مجتمعنا وإرسالها للمجتمع الضعيف، عندها نستطيع تحريك بوصلته من خلال القوى الناعمة، وتغيير ثقافته لترتبط بنا؟

ما ذكره احد المفكرين، هو ما يسمى "الاستعمار الثقافي"، وهذا الفعل يعتبره المجتمع الضعيف "جرعة من الوعي أو التطور"، فلا يدرك ما تخفيه هذه العملية، والدورة المتكاملة لهذة المسائل وما مرت عليه من فلترة.

عندما نذكر المجتمع القوي والمجتمع الهزيل، قد يراود المتلقي أسئلة كثيرة أبرزها من القوي ومن الضعيف المتأثر بغيره؟ المجتمع القوي هو من يحافظ على ثقافته، ويحمل هويه يقدرها، بل يضعها فوق كل اعتبار من خلال الطبيعة العامة للشعب وسلوكياتهم، ليس ذكر مآثر تاريخية، والترحم على الأيام الخوالي، وإرث، بل تجدد الإرث نفسه بوجود التلاحم والوحدة بين المجتمع الواحد،مواكبة الحداثة من خلال وسائل نقل الثقافة الواضحة للمجتمعات الأخرى، وهذا يعتبر العصر الذهبي بوجود العولمة، وتقريب ثقافات الشعوب، بل وفرض القوي على الضعيف.

أما المجتمع الضعيف هو المتلقي لما ينتجه المجتمع الأول، فيعتقد أن ما يتلقاه تطور وتنوع، بل وانفتاح على العولمة دون أن ينقل ثقافته الخاصة به.

الهوية قد يُعنى بها المكنون السياسي، أو الديني، أو الإجتماعي، فهذه المادة التي تُنقل كمعرض حديثنا اليوم، كمثال تأثر أحمد بمجتمع معين، فعند سؤالنا له جاوب من دون وعي الأفلام والمسلسلات الناتجة عن هذه الدولة، هي المسببه بذلك فلم نجد إلا وأحمد قد ذهب إلى السياحة في الدولة ذاتها، والسبب نقل الثقافة أدى بالتالي إلى أرباح مادية ترجع للدولة، وكذلك هيمنة ثقافية سيطرت على الفرد.

أما كمدلول أوسع للأمثلة السياسية انتشر الدين بإحدى دول شرق آسيا، وكانت في وقتها الوسيلة هي التجارة لا النزاع العسكري، أو غيره أدى إلى ذلك ومع توسع التجارة حينها توسع الدين، فكانت الدول العزيزة بثقافتها والمتطورة، آنذاك، تتباهى بإرثها الديني، وكانت تتوسع أكثر وأكثر برسالتها وهويتها إلى أن سيطر الدين على الدولة الشرق آسيوية، وهذا بسبب وجود اعتزاز ظاهر خارجياً، أدى إلى تأثر المجتمع الأضعف من حيث الهوية، حتى ولو لم تكن الغاية مصلحةً ما.

لكن الفعل تحقق في أن الدولة الشرق آسيوية أصبحت فيما بعد حليفة للدول المصدرة الثقافة تتحرك بالتحرك نفسه، لأن بات يجمعهم روابط مشتركة، فنلاحظ أن تحول المجتمع من ثقافة إلى أخرى قد يمر بمراحل مختلفة، منها غياب هويته الشخصية، والتفكك الاجتماعي، والتمايز وتأثره بثقافه أخرى، كمتلقي لا يستطيع أن يصدر ثقافته، لأن ليس هناك شيئاً واضحاً ومستقر، أثر نقل الثقافة، ما يجعل للشعوب المتلقية فكرة وهالة تسمى الـ"بروباغندا" أتية من المجتمع الأخر، عبر كل الوسائل الممكنة، والنوافذ المتاحة.

فإن كنا نعتقد أن المجتمع المقابل قوي فسنظن أنه قوي بثلاثة مرات، فهو المتحكم بإيصال الرسائل التي يريدها، والمجتمع الضعيف بثقافته هو من يتأثر، وما أن نكون أمام ذلك إلا وسيتحرك ليعين مصالحه، وبإرادة خالصة من المجتمع الضعيف، فلا تتحرك بوصلة الأخير إلا من صاحب الـ"بروباغندا"، اي من أتى بالهيمنة الخفية على الشعوب، فالضعيف هو ضعيف الهوية، وأول مظاهرهاتشتت المجتمع، وليس بالضرورة تحقق الهيمنة الخفية بشكل كامل، إذ يكفي أن يكون نتاجها خلق بيئة ومجاميع ضاغطة تأثرت بالمجتمع القوي لتحقيق أهداف ومصالح الأخير، مباشرة أو غير مباشر، فهذه من ضمن الأوراق الرابحة التي لا تُرمى إلا بالوقت المناسب باعتبارها من دهاليز السياسة.

كاتب كويتي

آخر الأخبار