خطر الحزبية على عقول الشباب يمكن تلخيصه بهذه العبارة: من التنظيم إلى التفجير، وهذا ما تعاني منه الحكومات والمجتمعات الإسلامية المختلفة.
في عصر كثرت فيه التوجهات الفكرية، وتنوعت السبل أمام الشباب للبحث عن الهوية والانتماء، برزت ظاهرة الحزبية المغلقة، كأحد أخطر التهديدات، التي تتسلل بهدوء إلى عقول الناشئة، لتشكّل تفكيرهم، وتوجّه مشاعرهم، وتصوغ مواقفهم من العالم من حولهم، خصوصاً إذا تغذت هذه الحزبية بأدبيات فكرية ذات طابع تصادمي وثوري. من أخطر ما يواجه الشاب حين يقع أسيراً لهذه البيئة الحزبية، هو الانغلاق على الطرح الأحادي، ورفض الآخر، والنظر إلى المخالف بعين الريبة، أو حتى التكفير، بل ربما يتحول إلى أداة طيّعة في يد من يتبنون فكراً ثورياً تكفيرياً، لا يعرف من الإسلام إلا الثورة على الحكومة، واستحلال الدماء، كما يفتي بذلك شيوخ الجماعة. ويزداد الخطر حين يُغذى ذلك بترديد أقوال بعض المفكرين والمنظرين، الذين اشتهروا بخطابهم الحاد، مثل أولئك الذين يشرّعون الخروج على الحكام، أو يستبيحون دماء الخصوم، أو يختزلون الدين في شعارات حماسية، تحرّض على الكراهية والعنف.
إن عقول الشباب الناشئة لا تحتمل هذا القدر من التحريض والانفعال غير المنضبط، خصوصاً إذا كانت البيئة المحيطة تفتقر إلى التوازن الأسري، أو التوجيه العلمي الشرعي الرصين.
لهذا فإن من أعظم الواجبات على المؤسسات، الدينية والتعليمية والدعوية والإعلامية، أن:
1- تعزز التفكير النقدي لدى الشباب.
2- تفضح الأساليب التلاعبية التي تمارسها بعض الجماعات.
3- تربطهم بمنهج السلف الصالح في التعامل مع الفتن، والولاء، والبراء، والسياسة الشرعية.
4- تبني فيهم روح الانتماء للوطن، والولاء للحق، والاعتدال في الطرح.
فالحزبية ليست مجرد اختلاف تنظيمي، بل متى ما تحولت إلى هوية فوق الدين، والعقل، والوطن، فإنها تتحول إلى عبودية فكرية تُنتج عقولاً معطوبة، وقنابل فكرية قابلة للانفجار في وجه المجتمع كله. وما أحوجنا إلى منظومة متكاملة تحقق الأمن الفكري، وتصون افكار الشباب عن الأحزاب اللئيمة التي تريد بنا الشر.
كاتب كويتي