فلسطينيون يحملون أكياسا من الدقيق وزعها برنامج الغذاء العالمي في مدينة غزة شمال قطاع غزة أمس (أب)
خطط انتشار الجيش "تعقّد" محادثات الدوحة... ونتنياهو عاد من واشنطن... و"حماس": يراوغ لإطالة الإبادة!
غزة، عواصم - وكالات: فيما أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي أمس، قيودا أمنية صارمة في غزة بالمنطقة البحرية المحاذية للقطاع، أفاد مصدران فلسطينيان مطلعان بأن مفاوضات وقف إطلاق النار تواجه "تعثرا" في الدوحة، نتيجة إصرار إسرائيل على تقديم خريطة للانسحاب تبقى بموجبها نحو 40 في المئة من مساحة القطاع تحت سيطرتها العسكرية، وقال أحد المصدرين لوكالة "فرانس برس" إن مفاوضات الدوحة تواجه تعثرا وصعوبات معقدة نتيجة إصرار إسرائيل على خريطة للانسحاب قدمتها، لإعادة انتشار وإعادة تموضع لجيش الإحتلال وليس انسحابا، وتتضمن إبقاء القوات العسكرية على نحو 40 في المئة من مساحة قطاع غزة وهو ما ترفضه "حماس"، وقال المصدر الثاني إن إسرائيل تواصل سياسة المماطلة وتعطيل الاتفاق لمواصلة حرب الإبادة، بحسب تعبيره.
وذكرت مصادر مطلعة أن خريطة إعادة التموضع التي عرضها الوفد الإسرائيلي تبقي كل مدينة رفح تحت الاحتلال، وتمهد لتطبيق خطة التهجير بجعل رفح منطقة تركيز للنازحين لتهجيرهم إلى مصر أو عبر البحر، إذ أنها تأخذ من قطاع غزة مسافة عميقة على طول الحدود وتصل في بعض المناطق إلى ثلاثة كيلومترات، مشيرة إلى أن خريطة إعادة التموضع تضم أجزاء واسعة من مدينة بيت لاهيا وقرية أم النصر ومعظم بيت حانون وكل خزاعة، وتقترب من شارع السكة في مناطق التفاح والشجاعية والزيتون، وتصل إلى قرب شارع صلاح الدين في دير البلح والقرارة، وتمنع 700 ألف فلسطيني من العودة إلى بيوتهم لدفعهم إلى مراكز تجميع النازحين في رفح، ويهدف المخطط إلى دفع 700 ألف فلسطيني إلى معسكرات مكتظة في رفح، أقصى جنوب القطاع، كما أن الخريطة لا تظهر أي خطة لإعادة وصول المدنيين إلى معابر غزة الحدودية مما سيؤدي إلى عزل الفلسطينيين عن العالم الخارجي برا، وإبقاء جميع المعابر الحدودية تحت السيطرة الإسرائيلية، ويقول المحللون إن هذا ليس مجرد إعادة تموضع عسكري، بل خريطة طريق للتهجير القسري الجماعي.
من جانبها، أفادت مصادر فلسطينية بأن المفاوضاتِ غيرَ المباشرة مستمرةٌ رغم الجمود في مناقشة الملفات المطروحة، مشيرة إلى أن ملف الانسحابِ الإسرائيلي من محورِ فيلادلفيا سيؤَجَلُ حتى زيارة المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف المرتقبة للعاصمةِ القطرية، موضحة أن المفاوضاتِ غيرَ المباشرة ركزت امس على قضايا تتعلقُ بالأسرى وآلياتِ دخولِ المساعداتِ لقطاعِ غزة، كما أفاد إعلام إسرائيلي، نقلاً عن مصادر، أنه لا تقدم في المفاوضات بالدوحة خلال الـ24 ساعة الأخيرة، مشيراً إلى أن حجم الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة لا يزال نقطة الخلاف، وأن هناك ضغوطا أميركية على "حماس" لتأجيل بحث حجم ونطاق الانسحاب الإسرائيلي من غزة حاليا.
وبينما أجمعت المصادر على تعثر المفاوضات في الدوحة ودخولها في تعقيدات كبيرة بسبب التعنت الإسرائيلي، أعرب رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامن نتنياهو عن أمله في إتمام الصفقة بشأن غزة خلال أيام، مضيفا أن إسرائيل ستحقق السلام قريبا مع جيرانها العرب، قائلا في مقابلة مع شبكة "نيوزماكس" الأميركية "أتمنى أن نتمكن من إتمام الصفقة خلال أيام"، مضيفا "من المحتمل أن يكون لدينا وقف لإطلاق النار لمدة 60 يوما. سنخرج نصف المختطفين ونستغل هذه الأيام لوضع حد لذلك. يمكن أن يحدث غدا أو اليوم - إذا ألقت حماس سلاحها"، متابعا "قريبا سنحقق السلام مع جيراننا العرب".
وبينما كشف موقع "واينت" أن نتنياهو اختتم زيارته لواشنطن وطار عائدا إلى إسرائيل، وقال مكتبه إن جميع الأهداف التي سعى إلى تحقيقها خلال الزيارة تحققت، قال نتنياهو قبيل مغادرته واشنطن، بشأن نتائج محادثاته مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إن "ما تم الاتفاق عليه بيني وبين الرئيس ترامب بخصوص قضايا تتعلق بغزة والمنطقة سيروى لاحقا"، مضيفا "نعمل على التوصل إلى صفقة تبادل تعيد نصف الرهائن الأحياء والقتلى مقابل وقف لإطلاق النار لمدة 60 يوما، وخلال الـ60 يوما سندخل في مفاوضات بشأن وقف إطلاق النار الدائم، أي نهاية الحرب"، متابعا أنه "لتحقيق ذلك يجب تحقيق الحد الأدنى من الشروط، وهي إزالة قدرات حماس السلطوية والعسكرية، نزع سلاح حماس، ضمان ألا تكون غزة تهديدا لنا"، موضحا أنه "إذا كان يمكن تحقيق الشروط من خلال المفاوضات فهذا جيد فإن لم يكن كذلك فستحقق بقوة الجيش"، وكشف نتنياهو لعائلات الأسرى خلال اجتماع في واشنطن، أن "حماس" هي من ستحدد هوية الأسرى الذين سيتم إطلاق سراحهم، زاعما أنه لا توجد إمكانية للتوصل إلى اتفاق شامل يشمل إطلاق سراح جميع الأسرى في المرحلة الحالية، ولفتت صحيفة "يديعوت أحرونوت" إلى أن نتنياهو سعى إلى إقناع العائلات بقراره السعي إلى اتفاق تبادل جزئي، مبررا بـ"وجود خطط" مشتركة بينه وبين الرئيس ترامب.
في المقابل، أكدت "حماس" أنها عرضت التوصل إلى صفقة تبادل شاملة مقابل اتفاق يحقق وقفا دائما للحرب وانسحابا شاملا لجيش الاحتلال الإسرائيلي وتدفقا حرا للمساعدات، معتبرة مزاعم مجرم الحرب نتنياهو التي أبلغ فيها عائلات الأسرى عدم إمكانية التوصل إلى صفقة شاملة، تؤكد النوايا الخبيثة والسيئة بوضعه العراقيل أمام التوصل إلى اتفاق يفضي إلى إطلاق سراح الأسرى ووقف العدوان، موضحة انها عرضت صفقة تبادل شاملة، يتم خلالها الإفراج عن جميع الأسرى دفعة واحدة، مقابل اتفاق يحقق وقفا دائما للعدوان، وانسحابا شاملا لجيش الاحتلال، وتدفقا حرا للمساعدات، لكن نتنياهو رفض العرض في حينه، وما يزال يراوغ ويضع المزيد من العراقيل، مشددة على أنها تواصل تعاملها الإيجابي والمسؤول في المفاوضات.
إلى ذلك، أعلنت الممثلةُ العليا لشؤونِ السياسةِ الخارجية والأمنية بالاتحاد الأوروبي كايا كالاس أن إسرائيل وافقت على خطوات مهمة لتحسينِ الوضعِ الإنساني، بينما كشف مصدر أمس عن موافقة إسرائيلية على إدخال عشرات الشاحنات يومياً إلى قطاع غزة بدءً من منتصف الأسبوع الجاري، ونقلت وكالة "فلسطين الآن" عن المصدر قوله إن الجانب المصري أبلغ قيادة حركة "حماس" موافقة الاحتلال على السماح بدخول 500 شاحنة يوميا إلى قطاع غزة، عبر المعابر في قطاع غزة، بما فيها معبر رفح البري، مضيفا أن إدخال الشاحنات يأتي في ظل اتفاقية الاتحاد الأوروبي مع الاحتلال التي وقعت نهاية الأسبوع المنصرم، والتي سيتم العمل بها في قطاع غزة، في ظل الضغط الأوروبي على الاحتلال من أجل إدخال المساعدات لقطاع غزة.
"الأونروا": 800 من الجوعىً قتلوا أمام مراكز المساعدات
غزة، عواصم - وكالات: أكد المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" فيليب لازاريني أن 800 شخص يتضورون جوعا قتلوا بغزة بإطلاق النار عليهم خلال محاولتهم الحصول على الطعام، قائلا على موقع "إكس": "استبدل نظام فاعل بعملية احتيال قاتلة لإجبار الناس على النزوح وتعميق العقاب الجماعي للفلسطينيين في غزة"، مضيفا أن إمدادات منقذة للحياة مهددة بالتلف نتيجة قرب انتهاء صلاحيتها في ظل وجود نحو 6 آلاف شاحنة للأونروا محملة بالغذاء والدواء والأساسيات بانتظار الضوء الأخضر لدخول غزة منذ نحو أربعة أشهر"، قائلا "اتخذوا إجراء لإنهاء الفظائع ووضع حد لدائرة الإفلات من العقاب".
في غضون ذلك، تواصلت حرب الإبادة، حيث استشهد وأصيب مئات الفلسطينيين في هجمات إسرائيلية متفرقة على قطاع غزة بينهم أطفال ونساء، وحسب مصادر طبية وشهود عيان، شملت استهدافات الجيش الإسرائيلي في مختلف أنحاء القطاع خياما لنازحين ومنازل لمواطنين وتجمعات لمدنيين، كما شملت إيقاع قتلى ومصابين مجوعين جراء إطلاق نار قرب مركز توزيع تابع لآلية المساعدات الأميركية-الإسرائيلية التي تواجه انتقادات بأنها باتت "مصائد موت" للفلسطينيين، وأفادت وكالة الصحافة الفلسطينية (صفا) بأن من بين الشهداء 27 مواطنًا لقوا حتفهم بنيران الجيش الإسرائيلي قرب مركز مساعدات الشاكوش شمال مدينة رفح، مشيرة إلى إصابة 180 جراء القصف، ولفتت إلى أن ستة مواطنين لقوا حتفهم في قصف إسرائيلي على خيم النازحين غربي مدينة خان يونس، وأشار مصدر في مستشفى الشفاء إلى استشهاد أربعة في قصف إسرائيلي على مبنى يؤوي نازحين غربي مدينة غزة، لافتا إلى استشهاد يوسف الزق أصغر أسير سابق في العالم بقصف إسرائيلي استهدف شقة عائلته وسط غزة، وقالت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا) إن أمًّا وأطفالها الثلاثة استشهدوا في قصف استهدف غرب مدينة غزة ، مشيرة إلى أن أربع نساء استشهدن، وأُصيب 10 مواطنين آخرين، في قصف استهدف منزلًا قرب مدرسة يافا في حي التفاح شرق المدينة، وأشارت إلى استشهاد مواطنين في قصف استهدف شقة سكنية في حي الشيخ رضوان.