الأربعاء 16 يوليو 2025
40°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
يا وزير العدل الرحمة هي الأساس... أليس كذلك؟
play icon
الافتتاحية

يا وزير العدل الرحمة هي الأساس... أليس كذلك؟

Time
الأحد 13 يوليو 2025
View
5490
أحمد الجارالله

حين يكون ما يزيد عن ثلاثة آلاف شيك من دون رصيد مقدمة إلى المحاكم، وصادرة بها أحكام وتجري ملاحقة موقعيها، (كما كشفت مصادر وزارة العدل)، فهذا يعني أن الدولة بكل مؤسساتها تحولت محصلاً لأصحاب تلك الصكوك، فيما هي صادرة إما من أفراد أو شركات بفوائد عالية، ما يجعل المدين غير قادر على الوفاء بها.

ومن المعروف أن كل قسط يصدر به شيك، ما يعني أنها تتوزع على كامل المديونية، فإذا تأخر المقترض شهراً واحداً عن الدفع قدمه الدائن إلى المحكمة، التي عليها النظر فيها كلها، أي إذا كانت 60 شيكاً، فإن موقعها يحاسب عليها كلها، وكان الأمر جيداً إذا كان الحكم على واقعة واحدة، وليس على شيكات متعددة على المدين نفسه، وللغرض ذاته.

هذا الأمر يخالف ما ذهبت إليه محكمة التمييز في حكم صدر قبل أسابيع بأن "جميع أدوات الضمان، بما في ذلك الكمبيالات والإقرارات، ما هي إلا وسائل توثيق ضمن إطار تلك العلاقة، ولا يمكن تجاهل المبالغ المسددة أو إغفالها عند تقدير الدين المتبقي".

إن هذا الحكم من أعلى مرجعية قضائية يؤكد التناقض الحاصل بين القانون الذي مضى عليه عقود، والحقوق الدستورية للمواطن، ففيما تصدر المحاكم وفقاً للتشريع الذي بين أيديها "ضبط وإحضار" على مصدر الشيك، إذا تعسر في دفع قسط، فإن محكمة التمييز أنصفته، بعدم صلاحية محاسبته عن "أدوات التوثيق".

في هذا الأمر ذهبت غالبية دول العالم إلى عدم اعتبار "الشيك دون مؤونة" جناية تستوجب السجن، لأن الأصل فيها عدم وجود أحد أركان الجريمة، وكذلك عدم وجود دليل مادي كافٍ على وقوعها، بينما لا يزال هذا الفعل يعتبر جناية في الكويت.

صحيح إن هناك دراسة لهذا الأمر، كي تسير الكويت على نهج الدول المتحضرة في هذا الشأن، لكن الاستمرار بحبس مصدر الشيك من دون رصيد، ومع إعادة بالعمل بـ"الضبط والإحضار"، وكما هو معلوم أن نسبة المقترضين كبيرة جداً فذلك يعني ازدحام السجون، وهي أصلا مكتظة حالياً، ومع جلب باقي المتعسرين، العدد سيزداد كثيراً، لا سيما أن هناك ما يزيد عن 60 ألفاً لم يسددوا كامل المديونية التي عليهم، بينما ديون غالبيتهم مبالغ زهيدة، بل إن تكلفة يومهم في التوقيف أكثر من الدين.

لن نبحث بما دفع المقترض إلى مد يده للغير، فنهاك أسباب كثيرة، وأغلبها، إن لم تكن كلها، إنسانية بحتة، لكن ما يجب الأخذ به، أن المعاملات التجارية فيها إشكاليات عدة، وإذا كنا لا نتحدث عن ديون البنوك، التي لها ضمانات ورهن أصول، فإن الحديث يدور حول ديون المرابين، والشيكات التي يفرضونها على المقترض، وديون لشركات تبيع بالتقسيط.

للأسف، إن غالبية هؤلاء المدينين وقعوا تحت ضغط الحاجة، فيما لم تعمل لجان الغارمين على مساعدتهم، وكذلك لم يرحمهم القانون كي يكون أداة ضغط على صاحب الحاجة من المتنفذين، وأصحاب الأموال، الذين كانوا يسعون إلى السيطرة على الناس بأشكال مختلفة، ويستحوذون على ممتلكاتهم.

في القانون الرحمة أساس الحكم القضائي، لكن حين يجد القاضي نفسه أمام تشريع عفا عليه الزمن، فهو لن يخالفه، حتى لو كان غير مقتنع به، لذا غيروا النص، ولا تضغطوا على القضاة بقانون معيب.

آخر الأخبار