مختصر مفيد
قلنا في مقالات سابقة إن إيران لا تستطيع إغلاق مضيق هرمز في وجه الملاحة البحرية فهناك ما يُسمى "مبدأ كارتر" الذي أعلنه الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر عام 1980 بعد أن احتل الاتحاد السوفياتي أفغانستان، موجهاً تحذيراً شديد اللهجة غير مباشر للسوفيات قال فيه: "إن أي محاولة من جانب قوة خارجية للسيطرة على منطقة الخليج، سوف تُعتبر اعتداءً على المصالح الحيوية للولايات المتحدة الأميركية، وهذا الاعتداء سوف يُقاوم بأي وسيلة ضرورية بما فيها القوة العسكرية".
في أغسطس 2018 كان رد فعل وزير الخارجية الأميركي، آنذاك، مايك بومبيو سريعاً وعاجلاً على تصريحات المسؤول الإيراني علي تنكسيري،إذ قال: "مضيق هرمز لم ولن يكون تحت سيطرة إيران، إنه ممر دولي، والولايات المتحدة ستستمر في العمل مع الحلفاء في المنطقة لضمان حرية الملاحة الدولية في المياه الدولية".
المحلل الأميركي النفطي بيتر بيوتل قال: "اذا افترضنا أن إيران حاولت إغلاق المضيق، فمعنى ذلك وقف صادرات 19 مليون برميل في اليوم، أي خُمس حاجة العالم من النفط، وسوف تُغضب المجتمع الدولي، لأن الاقتصاد العالمي سوف يتضرر بشكل كبير بسبب النقص في واردات النفط من الخليج، وهو ما سيدفع الدول المستهلكة للنفط إلى حشد صفوفها، وعلى الفور في تجمع معارض ضد إيران، وقد تضطر معه أميركا وحلفاؤها الى استخدام القوة العسكرية لفتح مضيق هرمز عنوة، إن إيران تدرك خطورة هذه الخطوة، ولن تقوم بها على الإطلاق"(انتهى كلامه).
في "حرب الناقلات" التي جرت بين إيران والعراق في الثمانينات سعى كل بلد إلى حرمان الآخر من عائده النفطي، من خلال مهاجمة كل منهما سفن الآخر، وإصابة سفن الدول المحايدة، ما أدى الى سقوط المئات من القتلى خلال سنوات الحرب الثماني، وانخفض تدفق النفط، ثم عاد الى مستوياته العادية، لكن المضيق لم يُغلق أبداً".
نقول، وفقا للعلوم السياسية، إن إيران عندما تُعلن أنها ستغلق المضيق، قد يكون لها هدف آخر غير معلن وهو صرف انتباه الشعب الإيراني عن معاناته المعيشية في الداخل لكي يصطف حول قيادته".
لو كنت رئيساً لإيران لشكلت لجنة من ذوي الكفاءة، وأستغل الموارد الطبيعية والسياحية، وضخامة المساحة الجغرافية، وأفتح المجال للاستثمارات العربية، والأوروبية، والأميركية لأجعل منها بلداً متقدما، وأفضل بلد آسيوي متطور، وأفتح صفحة جديدة مع الدول العربية المجاورة بألا أتدخل في شؤونها الداخلية، بحيث لا أهدر الأموال الطائلة دعما لحرب بالوكالة، أو تشجيعاً لهذا الحزب أو ذاك، وأفكر بمنظور متحضر، وآخذ بعين الاعتبار دروس التاريخ، لكن هيهات ان تفكر إيران بهذه الطريقة.
قد يقول المسؤولون الإيرانيون: "ولكن نحن دولة قوية عسكريا ولدينا صناعة"، والرد على ذلك أن كوريا الشمالية اهتمت بالسلاح العسكري، وانظمة الصواريخ، وأهملت المواطن، بل وسادت فيها المجاعة، وأصبحت متخلفة، وفيها حكم ديكتاتوري قاس.
القوة حاليا هي قوة الاقتصاد لا القوة العسكرية، لذلك تقدمت كوريا الجنوبية لأنها اهتمت بتنمية المواطن، وربما أهم شيء في الحياة المعاصرة الاهتمام بالإنسان لاشن الحروب بالوكالة، وإهدار أموال البلاد في مغامرات خارجية، والتدخل في الشؤون العربية، كما تفعل إيران حاليا، التي أضاعت فرصـاً كثيرة.
إننا نحب الخير لإيران لا حبا بها، بل لتكف عنا شرها.
[email protected]