الجمعة 18 يوليو 2025
39°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
البديل الستراتيجي وجيب المواطن ...والحوكمة يا حكومة (4 / 5)
play icon
كل الآراء

البديل الستراتيجي وجيب المواطن ...والحوكمة يا حكومة (4 / 5)

Time
الأربعاء 16 يوليو 2025
View
60
بسام فهد ثنيان الغانم

في الأجزاء السابقة من هذه المقالة، طرحنا تساؤلات مصيرية حول مستقبل "البديل الستراتيجي"، وناقشنا شروط إنجاحه، من الحفاظ على رواتب الموظفين الحاليين، وتوصيف الوظائف بشفافية، إلى اعتماد الحوافز المبنية على الأداء، وتأسيس لجان تظلّم مستقلة تضمن الإنصاف.

لكننا الآن نقف عند المفصل الأهم: الحوكمة.

لأنه ببساطة لا يمكن لأي إصلاح وظيفي أن ينجح إذا لم تُبنَ قراراته على قواعد الحوكمة الرشيدة، فالمعادلة واضحة:

لا عدالة بلا حوكمة، ولا ثقة بلا شفافية.

ما الحوكمة؟

في أبسط تعريفاتها، الحوكمة (Governance) تعني"أن تُدار شؤون الدولة أو المؤسسة بطريقة عادلة، شفافة، كفؤة، وتحت المساءلة".

هي الإطار الذي يُنظّم العلاقة بين من يقرّر ومن يتأثر بالقرار، بين الحكومة والموظف، بين الميزانية والمواطن، بين الواجبات والحقوق.

والحوكمة ليست شعاراً تجميلياً، بل منظومة كاملة تقوم على أربعة أعمدة لا غنى عنها:

أولاً- العدل: أن تُوزّع الفرص والمكافآت والمناصب، وفق الاستحقاق، لا المجاملة أو القرابة أو الصوت العالي.

ثانياً- الشفافية: أن تُنشر البيانات الوظيفية، وتُعلن معايير التقييم والترقية، وتُوضح معادلات الراتب والمكافآت، بلا غموض، ولا استثناء.

ثالثا- المساءلة: أن يُحاسَب المقصّر، أياً كان موقعه، ويُكرَّم المجتهد دون واسطة، فلا حماية دائمة لمَن يتهرّب، ولا تجاهل لمَن يبدع.

رابعاً- الكفاءة: أن تُدار الموارد البشرية، والمالية، والتقنية بعقلانية، فنقضي على "البطالة المقنّعة"، ونحوّل الجهاز الإداري إلى منظومة منتجة، وليس الى خزان للأسماء فقط.

الحوكمة في الكويت: أين الخلل؟

الحقيقة أن الكويت تملك بعض أدوات الحوكمة، مثل ديوان الخدمة المدنية، وديوان المحاسبة، وهيئة مكافحة الفساد (نزاهة)، لكن المشكلة في الربط بينها، وتفعيل مخرجاتها، ووضع مواعيد ملزمة وتقييم معلن للأداء.

مثلًا: – هل نملك اليوم قاعدة بيانات موحدة توضح إنتاجية كل وظيفة؟

– هل هناك نظام تقييم حقيقي لا يُختزل في "تقرير شكلي" كل سنة؟

– هل نفعّل مبدأ "الأجر مقابل الأداء"؟

– هل نملك آلية تظلم تُطمئن الموظف وترد حقه دون تأخير أو تأويل؟

للأسف، لا تزال الإجابة عن معظم هذه الأسئلة غير مُرضية، ما يجعل "البديل الستراتيجي" عرضة للشكوك والاعتراض، حتى قبل أن يولد.

الحوكمة الرقمية: فرصة لا تُفوّت

في عصر الرقمنة، لم تَعُد الحوكمة الذكية رفاهية، بل ضرورة.

وهي تعني ربط قرارات الدولة بمنصات رقمية شفافة تُظهر للموظف موقعه، تقييمه، فرص ترقيته، ومسار تطويره، في منصة موحّدة مثل "سهل".

عندها فقط تُغلق أبواب التلاعب، ويُصبح "البديل" أداة تطوير، لا وسيلة تقشف.

الوعي المجتمعي جزء أصيل من الحوكمة

الحوكمة لا تنجح من فوق فقط، بل تبدأ من ثقة الناس. فالمواطن لا يرفض الإصلاح، بل يرفض غموضه. لذا نحتاج إلى برنامج وطني يُوضح – بلغة بسيطة – ما الذي سيتغير، ولماذا، ومتى، ومَن المتأثر والمستفيد؟

***

لذلك نقولها بوضوح: إن أردتم نجاح البديل، فابدأوا بالحوكمة،

فالعدالة لا تُبنى بالجداول، بل بالشفافية، والمساءلة، والكفاءة.

ولا يمكن مطالبة المواطن بالتحمّل، بينما تُكافأ الفوضى وتُهمَّش الكفاءات.

الحوكمة تبدأ من "هيكل الحكومة" فالوزير ليس سوبرمان!

في الجزء المقبل والأخير من هذه المقالة، سنذهب إلى جذور المسألة: هل تملك الدولة اليوم الهيكل الوزاري المناسب لإدارة هذا التحوّل؟ وهل نحتاج إلى وزارات جديدة متخصصة في:

الموارد والتنمية البشرية مهمتها: التوظيف، التوصيف، التدريب، الترقية، التنمية البشرية

أي هي الجهة "المنفِّذة" وينصهر فيها ديوان الخدمة المدنية.

وسنناقش كيف يمكن لإعادة بناء الهيكل الحكومي أن يكون حجر الأساس لأي إصلاح عادل وشامل.

آخر الأخبار