غني عن البيان أن الهدف الرئيسي للاقتصاد، أي اقتصاد، والسياسة كذلك، هو المواطن، معيشته، ورفاهيته، وأمنه الاجتماعي، وليس كما يعتقد البعض، ويردد أن مرحلة "دولة الرفاه قد إنتهت"، وكأن إنهاء رفاهية المواطن إنجاز.
إن السياسات، الإقتصادية والمالية، إن لم تحقق تنمية في تحسين مستوى معيشة المواطن، وزيادة رفاهيته، وضمان أمنه، وأمانه الاجتماعي، فإنها ستكون قطعاً سياسات فاشلة.
إن كفاءة الاقتصاد، وجودة التنمية مقياسهما الأكثر تعبيرا وواقعية، هو نمو اقتصادي إنتاجي متواصل، الذي يوفر فرص عمل، وسياسات تضبط وتتحكم بالتضخم، وتعزز القوة الشرائية للمواطن.
كذلك تعمل دائما على تعزيز مكتسباته المعيشية، وتحرره من التآكل التدريجي لراتبه، ودخله، والضغوط الإقتصادية التي تثقل كاهله، فهل أدت إدارة اقتصادنا الوطني، وسياساتها إلى تحقيق ذلك؟
في وقت يعاني فيه المواطن من غلاء كبير، ومتواصل الارتفاع، وشح فرص العمل، وتعرض الشرائح الاجتماعية، المتوسطة او محدودة الدخل، فإن ضغوط نتيجة التوجه الحكومي، تجعل المواطن يتحمل عجز الموازنة، كأنه هو السبب، وليس عقوداً من فوضى السياسات الاقتصادية، وتدني مستوى إدارة الموارد والاقتصاد.
إن مقولة "المواطن شريك في التنمية" تراجعت في الواقع، وكل ما نراه "مانشيتات" في الصحف عن إنجازات تكرر سماعها منذ سنين، ولم نرها في الواقع إلى اليوم. بينما الحقيقة اننا نفاجأ بقرارات يتفرد بها مجلس الوزراء، تضيف أعباءً جديدة على المواطن الذي هو أصلاً مثقل بالأعباء، ولا يكاد راتبه يعينه إلى آخر الشهر، فكيف يكون شريكاً في التنمية، وهو لا ناقة ولا جمل له في تلك القرارات، حتى الجمعيات التعاونية التي هي في الأصل شأن المواطن، وملك له، أصبحت شأناً حكومياً، وكأن التعيينات الحكومية ستحل مشكلاتها؟
إن شراكة المواطن في التنمية لا تكون بمنهج حكومي متفرد يغطي عجز الموازنة من جيبه، بل تكون بالإنصات إلى رأيه، والنظر في همومه، والحرص الشديد على مكتسباته، وأمنه الاجتماعي والاقتصادي.
و في ذلك، نتطلع أن يأتي لنا مجلس الوزراء الموقر ببرنامج عمل واقعي، هدفه الأساسي رفاهية المواطن، وتحسين مستوى معيشته... برنامج عمل يوضح لنا رؤية الحكومة وسياساتها، وكيف ستكون الأوضاع، الاقتصادية والمعيشية، للمواطن في قادم الأيام، فالمواطن يعاني من القلق في ظل غياب ذلك.
إن الاندفاع بفكرة أن الهياكل التنظيمية الجديدة للوزارات ستحل مشكلة إدارة القطاع العام المترهلة، واعتبار ذلك إنجازاً، هو اندفاع في غير محله، وكمن يضع الحصان خلف العربة، ولن يحل الاختلالات الاقتصادية القائمة، ومشكلات الإدارة العامة المترهلة، فالمشكلة أكبر وأوسع من ذلك بكثير.