دروز من سورية وإسرائيل على الحدود الإسرائيلية السورية في مجدل شمس في مرتفعات الجولان المحتل (أب)
- وزارة الداخلية والدروز أكدا التوصل لاتفاق بعد يوم دامٍ من الاشتباكات وعربدة إسرائيلية طالت جميع الأنحاء
- الشرع يتعهد محاسبة متورطين بـ"أعمال إجرامية وغير قانونية"... وواشنطن تطالبه بإجراءات حقيقية لإنهاء العنف ضد المدنيين
- إسرائيل تشن 160 غارة وتستعد لأيام من القتال وتجهز لنقل الفرقة 98 من غزة والدفع بلواء المظليين إلى سورية وتتعهد حماية الدروز
دمشق، عواصم - وكالات: في ختام يوم دام وحافل بالتطورات الميدانية والسياسية أمس، أعلن مصدر في وزارة الداخلية السورية لوكالة الأنباء السورية "سانا" التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في محافظة السويداء ونشر حواجز أمنية في المدينة واندماجها الكامل ضمن الدولة السورية، كما أكد شيخ عقل الموحدين الدروز يوسف جربوع التوصل إلى اتفاق مع الحكومة لوقف إطلاق النار، مشيرا إلى أن الاتفاق ينص على الاندماج الكامل للسويداء ضمن الدولة السورية والتأكيد على سيادتها على كل المحافظة وتفعيل واستعادة كل مؤسساتها، وإعادة المؤسسات كافة والعمل على ضمان حقوق المواطنين كافة وفق قوانين العدالة والمساواة، مشددا على ضرورة تشكيل لجنة لتقصي الحقائق والتحقيق في الانتهاكات التي حصلت وتعويض المتضررين وجبر الضرر، مضيفا أن تأمين طريق دمشق السويداء وضمان سلامة المواطنين من مهام الدولة، مؤكدا انسحاب الجيش إلى ثكناته وتفعيل الأمن الداخلي وحواجزه من أبناء وضباط المحافظة الشرفاء.
وشهدت أزمة السويداء السورية يوما داميا وحافلا بالتطورات الميدانية والسياسية أمس، خاض خلالها الجيش السوري والقوى الأمنية حرب شوارع مع الميليشيات المسلحة في المدينة، واستغل جيش الاحتلال الإسرائيلي الأحداث وعربد بامتداد خارطة سورية وقصف محيط القصر الرئاسي ورئاسة أركان الجيش السوري ومناطق عدة في دمشق، ولم ينجح بيان أصدرته الرئاسة السورية في احتواء التداعيات الخطيرة أو طمأنة المجتمع الدولي، في ظل المقاطع المصورة والصور المتواترة للانتهاكات التي ارتكبها عناصر في الجيش والقوى الأمنية بحق أهالي السويداء بدلا من إرساء الأمن، وانعدام الأمن الذي أدى إلى حركة نزوح واسعة من أهالي المدينة.
وأعربت الرئاسة السورية عن إدانتها الشديدة لأحداث السويداء، ووصفتها بأنها "أعمال إجرامية وغير قانونية" تتنافى مع مبادئ الدولة، مؤكدة التزامها الكامل بالتحقيق في جميع الحوادث المرتبطة بهذه الانتهاكات ومحاسبة أي جهة أو فرد يثبت تورطه، مشددة على أن العدالة ستأخذ مجراها دون استثناء، مجددة تعهدها بحماية أمن المواطنين في السويداء وسائر المناطق السورية، مؤكدة أن استقرار الأهالي وحقوقهم "ستبقى مصونة ولن يُسمح بالمساس بها"، مضيفة "تُكلّف الجهات الرقابية والتنفيذية المختصة باتخاذ الإجراءات القانونية الفورية بحق كل من يُثبت تجاوزه أو إساءته مهما كانت رتبته أو موقعه".
من جانبها، أكدت الحكومة السورية التزامها بإجراء تحقيق يفضي إلى محاسبة المتورطين بالانتهاكات، معتبرة التجاوزات "غير قانونية"، قائلة في بيان "تابعت الحكومة السورية باهتمام بالغ الانتهاكات المؤسفة التي طالت بعض المناطق في محافظة السويداء مؤخرًا"، مضيفة أن "هذه الأفعال التي تندرج ضمن السلوكيات الإجرامية وغير القانونية، لا يمكن قبولها تحت أي ظرف من الظروف، وتتنافى تمامًا مع المبادئ التي تقوم عليها الدولة السورية"، متابعة أن "أي جهة مسؤولة عن هذه الأعمال، سواء كانت فردية أو منظمات خارجة عن القانون، ستتعرض للمحاسبة القانونية الرادعة، ولن نسمح بمرورها دون عقاب"، وخاطبت أهالي السويداء قائلة: "حقوقكم ستكون دائما مصونة، ولن نسمح لأي طرف بالعبث بأمنكم"، بينما قالت وكالة النباء السورية "سانا" إن قوات الجيش والأمن الداخلي تؤمن خروج عوائل من السويداء إلى مناطق آمنة، بعد اعتداءات طالت المنطقة من قبل مجموعات خارجة عن القانون.
بدورها، دعت الولايات المتحدة إلى التراجع خطوة للوراء والتفاوض من أجل وقف إطلاق النار ونددت بالعنف ضد المدنيين، ووصف السفير الأميركي في تركيا المبعوث الخاص لسورية ولبنان توم براك بيان الرئاسة السورية بأنه قوي لكن يجب اتخاذ إجراءات لإنهاء العنف، قائلا "نندد بشدة بالعنف ضد المدنيين. نقطة توقف. على جميع الأطراف التراجع خطوة للوراء والانخراط في حوار هادف يؤدي إلى وقف دائم لإطلاق النار، ويجب محاسبة الجناة".
وكانت الاشتباكات المسلحة تجددت داخل مدينة السويداء صباح أمس، حيث تحصنت مجموعات مسلحة في بعض النقاط بالسويداء واشتبكت مع وحدات الجيش أثناء قيامها بعمليات التمشيط، وألمحت وسائل إعلام سورية إلى استمرار نزوح المدنيين من السويداء تجاه ريف درعا الشرقي هربا من الاشتباكات المسلحة، بالتزامن مع قيام قوى الأمن الداخلي بتمشيط الأحياء الشرقية من المجموعات الخارجة عن القانون، ودعوة وزارة الدفاع السورية الأهالي داخل المدينة إلى التزام منازلهم والتبليغ عمن تبقى من المجموعات الخارجة عن القانون، قائلة إنه بعد إبرام اتفاق وقف إطلاق النار مع وجهاء وأعيان السويداء عادت مجموعات خارجة عن القانون إلى مهاجمة قوات الجيش والأمن الداخلي داخل المدينة، مضيفة أن قوات الجيش تتابع الرد على مصادر النيران مع مراعاة قواعد الاشتباك لحماية الأهالي ومنع تضررهم وتحقيق عودة آمنة لمن غادروا المدينة إلى منازلهم، وقالت وزارة الدفاع إن مجموعات مسلحة خارجة عن القانون تمركزت داخل المستشفى الوطني في السويداء ونشرت قناصين على أسطحه، حيث استهدفت قوات الجيش السوري واتخذت من المشفى الوطني منطلقا لعملياتها ضد الجيش وقوى الأمن الداخلي، مضيفة أن عددا كبيرا من القناصين التابعين للمجموعات الخارجة عن القانون يتمركزون على أسطح المشفى ويستهدفون قواتنا بشكل كثيف، متابعة "وجّهنا نداءات متكررة لتحييد المشفى ومحيطه، والسماح لكوادر وزارتي الصحة والطوارئ بالدخول إليه، ولكن لم نتلقَّ أي استجابة"، بينما تصاعدت الضغوط الدرزية على القيادة السياسية، وقال رئيس الطائفة الدرزية في إسرائيل الشيخ موفق طريف "علينا أن نجبر النظام السوري على الانسحاب من السويداء"، زاعما أن هذه معركة بقاء للطائفة الدرزية، الوقت حاسم، مطالبا نتنياهو وكاتس بالاختيار بين الشراكة مع الدروز أو "داعش".
وعزز جيش الاحتلال الإسرائيلي وجوده ودفع بتعزيزات عسكرية كبيرة إلى الحدود، وذكرت إذاعة جيش الاحتلال إنه تم نشر ثلاث سرايا من شرطة حرس الحدود وسرية تابعة للواء جولاني إلى جانب قوات من الشرطة العسكرية تحسبا لمحاولات جماعية لاختراق السياج الحدودي من قبل الدروز داخل إسرائيل، مشيرة لتفريق بقنابل الغاز عددا من الدروز قرب الحدود، وبالتوازي، وجّه وزير حرب الاحتلال يسرائيل كاتس تهديداً مباشراً للقوات السورية، قائلاً "على النظام أن يُخلي سبيل الدروز في السويداء ويسحب قواته فورا"، مؤكداً أن الجيش سيواصل ضرب مواقع النظام إلى حين انسحابها الكامل من المنطقة، وأنه سيُصعّد قريبًا من رده إذا لم تُفهم الرسالة، وعقب التهديد، شنت مقاتلات إسرائيلية ثلاث غارات على أهداف تابعة للقوات السورية في محيط السويداء ورابعة استهدفت اللواء 52 بريف درعا الشرقي، قبل أن يقصف لاحقا بوابة دخول رئاسة أركان الجيش السوري ومحيط القصر الرئاسي بدمشق، ثم عمم غاراته على انحاء متفرقة من سورية، وأفادت وكالة "رويترز" بسقوط قتلى كما أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان إصابة شخصين في الغارات التي استهدفت رئاسة الأركان، فيما أكد جيش الاحتلال أن الضربة طالت بوابة الدخول ردا على أحداث السويداء، وقال المتحدث العسكري أفيخاي أدرعي إن الجيش يعمل بناء على توجيهات سياسية، ويبقى في حالة تأهب للسيناريوهات كافة، مضيفاً أن القصف يندرج ضمن سياسة تهدف لحماية الدروز، ونقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مصدر أمني أن الهجوم رسالة واضحة للرئيس السوري أحمد الشرع، وتوعد كاتس بمواصلة استهداف القوات الحكومية السورية، داعياً دمشق لسحب وحداتها من السويداء فوراً. من جانبه، قال رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو إن الهدف من الغارات الحفاظ على جنوب غرب سورية كمنطقة منزوعة السلاح وحماية الدروز، مضيفا أثناء تفقده لواء مشاة "الحشمونائيم" وسط إسرائيل المخصص لاستيعاب جنود "الحريديم"، بالقول "نعمل في سورية منذ الصباح، ولدينا التزام بالحفاظ على منطقة جنوب غرب سورية كمنطقة منزوعة السلاح على حدود إسرائيل"، متابعا "لن نسمح بالعودة إلى وضع يقيمون فيه لبنان ثانية في سورية"، مضيفا "ملتزمون بحماية السكان الدروز، ونقوم بذلك عبر عمليات قوية، وآمل ألا نضطر للعمل أكثر"، بينما كشفت القناة 12 الإسرائيلية أن الجيش يستعد لأيام من القتال في سورية، مشيرة إلى أنه يقوم بنقل طائراته المسيرة والحربية، كاشفة أنه تم تجهيز الفرقة 98 لاحتمال نقلها من غزة إلى سورية، ومن المرجح أيضا وصول لواء المظليين إلى سورية، مبينة أنه حتى الآن، نفذت 160 غارة بطائرات مسيرة وطائرات مقاتلة، معظمها في منطقة السويداء، بالإضافة إلى هجمات في دمشق، وقال مسؤول إسرائيلي: "نحشد قواتنا في مرتفعات الجولان ونستعد لأيام من القتال"، كاشفا أن "هناك تبادل رسائل مع الأميركيين في هذا الشأن".