بعد صدور حكم نهائي باتّ ببراءة المتهم ورد اعتباره
جابر الحمود
قضت محكمة الاستئناف بإلغاء القرار الصادر عن وزارتي الداخلية والعدل بالامتناع عن حذف بيانات مواطن بُرّئ من قضية هتك عرض من أنظمتهما الآلية، رغم صدور حكم نهائي بات ببراءته ورد اعتباره.
وأكدت المحكمة أن امتناع الجهات الإدارية عن اتخاذ الإجراءات التقنية والقانونية اللازمة لمحو بيانات القضية، يُعد قراراً سلبياً مخالفاً للقانون، ويُلحق أضراراً مادية ومعنوية بالمواطن، كما يُهدد سمعته ويعطّل معاملاته اليومية، ما يستوجب التدخل القضائي لإزالته.
وتعود القضية إلى عام 2019، حينما أُحيل المواطن إلى المحاكمة في قضية هتك عرض، قبل أن يُصدر القضاء حكماً نهائياً ببراءته عام 2020، تم تأييده بالاستئناف ولم يُطعَن عليه أمام التمييز، ما منحه الصيغة القطعية.
ورغم ذلك، ظلّت بيانات القضية ظاهرة في الأنظمة الإلكترونية الخاصة بوزارتي الداخلية والعدل، ما دفع المواطن إلى التقدم بطلب رد اعتبار في 2024، رُفض لاحقاً، فبادر إلى إقامة دعوى قضائية انتهت برفضها، ليعود ويستأنف الحكم أمام محكمة الاستئناف التي أنصفته.
وأوضحت المحكمة في حيثياتها أن إبقاء بيانات القضية في النظام رغم الحكم بالبراءة يُعد امتناعاً غير مشروع عن اتخاذ قرار واجب وفقاً للمادة 244 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية، التي تنص على أن رد الاعتبار يُسقط الحكم بالإدانة وآثاره كافة، ومنها الحجب الكامل للبيانات أمام الجهات غير المختصة.
وردّت المحكمة على دفوع الجهات الإدارية بأن البيانات محفوظة بسرية داخل النظام، معتبرة أن هذه السرية "شكلية" إذا كانت المعلومات متاحة لموظفين غير مختصين وتؤثر على الحقوق اليومية للمواطن، رغم أن القضية لا تظهر في صحيفة السوابق. وانتهى الحكم إلى قبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم الابتدائي، والقضاء مجدداً بإلغاء القرار السلبي، مع ما يترتب عليه من آثار، وإلزام وزارتي الداخلية والعدل بمحو بيانات القضية من أنظمتهما، وتحميلهما المصاريف القضائية وأتعاب المحاماة.
وتولى الدفاع في القضية المحامي فهد الشمري، الذي أوضح أن الحكم يمثل انتصاراً لحُسن تطبيق القانون وروحه، وقال في تصريح له إن الحكم يُعيد الاعتبار الحقيقي لموكلي، ويكرّس مبدأ أن البراءة يجب أن يُتبَعُها محو الآثار التي قد تعرقل حياة الإنسان، لا سيما في المعاملات اليومية".
وأضاف الشمري أن المحكمة وضعت قاعدة قانونية مهمة توازن بين مقتضيات الأمن وحقوق الأفراد في استعادة مكانتهم القانونية والاجتماعية، قائلاً:"نرحب بهذا الحكم الذي يُنصف المواطن، ويمنحه الحق في فتح صفحة جديدة خالية من القيود القانونية، وهو تطبيق فعلي لفلسفة رد الاعتبار كما قصدها المشرع الكويتي".