السبت 19 يوليو 2025
43°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
البديل الستراتيجي وجيب المواطن...والحوكمة يا حكومة (5 / 5)
play icon
كل الآراء

البديل الستراتيجي وجيب المواطن...والحوكمة يا حكومة (5 / 5)

Time
الخميس 17 يوليو 2025
بسام فهد ثنيان الغانم

ناقشنا سابقا العدالة الوظيفية، والحوكمة، والحوافز، لكن يبقى السؤال: هل نملك في الكويت هيكلاً حكومياً مؤهلاً لقيادة هذا التحول، وتنفيذ "البديل الستراتيجي"، بجدية واستمرارية؟

الوزارات الحالية تُدار بأسلوب شامل، وكأن الوزير مطالب بأن يكون "سوبرمان" يتقن الموارد، والتحول الرقمي، والزراعة، والبيئة معًا، وهو أمر غير واقعي.

فالإصلاح الحقيقي لا يبدأ من جداول الرواتب، بل من بناء هيكل مؤسسي حديث.

لا عدالة دون مؤسسات، ولا حوكمة بلا أدوات.

* * *

نقترح سبع وزارات جديدة أو محدّثة:

أولاً – وزارة الموارد والتنمية البشرية، تحلّ محل ديوان الخدمة المدنية، وتُعنى بإدارة شؤون التوظيف والتدريب، وتقييم الكفاءة في القطاع الحكومي، مع إعادة تنظيم الهيكل الوظيفي وتطوير رأس المال البشري.

المهمات:

1- التوظيف والتوصيف العادل.

2- التدريب والمسارات المهنية.

3- تقييم الأداء وربط المكافآت بالإنتاجية.

4- بناء قاعدة بيانات موحدة.

5- الإشراف على التظلّمات الوظيفية.

الهدف: تحويل الجهاز الحكومي من عبء إداري إلى منظومة إنتاجية قائمة على الكفاءة والعدالة.

ثانياً – وزارة الحوكمة والأداء الحكومي، وتُعنى بتطبيق مبادئ الحوكمة، وتقييم أداء الجهات الحكومية.

المهمات:

1- مؤشرات أداء موحدة.

2- تقارير دورية عن كفاءة الوزارات.

3- رقابة على الإنفاق وربط الميزانيات بالنتائج.

4- استقبال الشكاوى والتظلّمات.

5- قيادة الحوكمة الرقمية.

الهدف: بناء حكومة فعالة تُدار بشفافية، ويُحاسب فيها المقصّر، ويُكافأ المجتهد.

ثالثاً – وزارة التحول الرقمي والخدمات الذكية، وتُشرف على رقمنة الدولة وتحويل الخدمات إلى منصات إلكترونية.

المهمات:

1- التحوّل الرقمي الكامل للوزارات.

2- قواعد بيانات موحدة.

3- تطوير الخدمات (مثل "سهل").

4- إدخال الذكاء الاصطناعي في الإدارة.

5- بنية تحتية رقمية آمنة.

الهدف: دولة ذكية تُدار بكفاءة رقمية، تُقلص الفساد، وتُبسط حياة المواطن، وتُقدّم خدماتها بشفافية، وسرعة، وعدالة.

رابعاً – وزارة التخطيط والتنمية المستدامة، تعيد الاعتبار للتخطيط بعيد المدى وتربط رؤية "الكويت 2035" بخطط قابلة للتنفيذ.

المهمات:

1- الخطط الخمسية والاستراتيجيات.

2- متابعة المشاريع الكبرى.

3- تقييم الأثر البيئي والاجتماعي.

4- دمج أهداف التنمية المستدامة.

5- تنسيق الجهود الحكومية.

الهدف: بناء نموذج تنموي متوازن يحقق الاستدامة، ويضع الدولة على مسار واضح نحو المستقبل من خلال إعداد خطة "الكويت 2040"، و"رؤية الكويت 2050"، وتمهيد الطريق نحو "كويت 2060"، بما يضمن التنمية للأجيال القادمة دون المساس بحقوقهم.

خامساً – وزارة الزراعة والأمن الغذائي، تواجه تحديات المناخ وتقلب الإمدادات، وتهدف لتحقيق الاكتفاء الذاتي.

المهمات:

1- دعم الإنتاج المحلي.

2- الزراعة الذكية والابتكار.

3- إدارة سلاسل الإمداد والمخزون.

4- دعم المزارعين.

5- تعزيز التصدير.

الهدف: تحقيق أمن غذائي وطني مستدام يقلل الاعتماد على الخارج.

سادساً – وزارة البيئة والأمن المائي والمناخي، تحمي البيئة وتضمن الأمن المائي، وتُعالج آثار التغيّر المناخي.

المهمات:

1- سياسات بيئية ومراقبتها.

2- إدارة الموارد المائية.

3- مواجهة تغيّر المناخ.

4- تنظيم الطاقة النظيفة.

5- التعاون الدولي البيئي.

الهدف: بيئة آمنة، أمن مائي طويل الأمد، واستجابة فعالة للتغيّرات المناخية.

سابعاً – وزارة المستقبل، وتُعنى برصد التوجهات العالمية، واستشراف التحولات الكبرى، ووضع تصوّرات استباقية لما يجب أن تكون عليه الدولة بعد عقدين أو ثلاثة، مع ابتكار نماذج حوكمة مستقبلية، وربط الأجيال الجديدة بمسار النهضة.

المهمات الرئيسية:

1- تحليل الاتجاهات المستقبلية.

2- تقارير دورية عن تحديات وفرص المستقبل.

3- شراكة مع الجامعات لبناء سيناريوهات.

4- مختبرات ابتكار لتجريب السياسات.

5- إعداد "أجندة الكويت المستقبلية".

الهدف: إدارة واعية للفرص والمخاطر، وبناء رؤية وطنية تتخطى الأمد القصير نحو كويت المستقبل.

* * *

التجارب أمامنا... والفرصة الآن

– السعودية أنشأت وزارة مستقلة للموارد البشرية، ومركزاً للقياس والتخطيط الوطني.

– الإمارات خصصت وزارات للتحول الرقمي، والذكاء الاصطناعي، والمستقبل.

– ألمانيا فصلت الرقمنة عن الاقتصاد.

– قطر دمجت التنمية الإدارية مع التخطيط وربطت ذلك بسوق العمل.

كل هذه التجارب انطلقت من قناعة بسيطة: لا إصلاح بلا بنية حكومية مرنة، متخصصة، قابلة للتحديث.

* * *

الآن الآن...وليس غداً

وفي هذه اللحظة بالذات، هناك أمر لا ينبغي أن نغفل عنه:

لقد تم حل مجلس الأمة، ولا توجد حالياً سلطة تشريعية، أو رقابية، تمنع الحكومة من المبادرة، أو تؤخر إصدار القوانين، أو تعطل الهيكلة. الساحة مفتوحة تماماً أمام مجلس الوزراء ورئيسه.

القرار بيد الحكومة وحدها، والوقت مناسب، والذريعة سقطت.

فلماذا الانتظار، لماذا التأجيل، لماذا التردد؟

* * *

الخلاصة: لا بديل بلا بناء جديد، و"البديل الستراتيجي"، ليس جدول رواتب فقط، بل مشروع وطني شامل، يبدأ من الهيكل، ويُدار بالحُكم الرشيد، ويخضع لرقابة الأداء، ويتحوّل رقمياً، ويُحاط بثقة مجتمعية.

والسؤال الآن ليس: هل نقدر، بل: هل نريد فعلاً أن نبدأ؟

آخر الأخبار