دروز إسرائيليون في بلدة مجدل شمس التي تسيطر عليها إسرائيل في مرتفعات الجولان (أب)
الشرع: إسرائيل تسعى لتحويل سورية ساحة فوضى ونحن لا نخشى الحرب... ونتنياهو: فرضنا وقف النار بالقوة!
دمشق، عواصم - وكالات: فيما ساد الهدوء الحذر أنحاء السويداء السورية أمس، حيث شرعت المدينة المكلومة فور انقشاع غبار المعارك في جمع جثامين قتلى الأحداث الدامية التي شهدتها على مدار الأيام الماضية من الشوارع لمواراتهم الثرى وعلاج المصابين وإحصاء الخسائر، بالتزامن مع مباشرة المسلحين من أبناء المدينة في فرض السيطرة الأمنية بعد انسحاب الجيش السوري والقوى الأمنية تنفيذا لاتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه ليل أول من أمس، والذي صمد طوال يوم أمس، حيث لم تسجل أي انتهاكات له رغم اعتراض زعيم الطائفة الدرزية الشيخ حكمت الهاجري عليه.
وبينما قدر المرصد السوري لحقوق الإنسان عدد القتلى نتيجة العنف الطائفي خلال الأيام الماضية بنحو 360 قتيلا، قائلا إن 15 عنصرا من وزارتي الدفاع والداخلية السورية قُتلوا في غارات للاحتلال الإسرائيلي، سحبت الحكومة السورية قواتها، قائلة إنها سحبت قوات الجيش تطبيقاً للاتفاق مع مشايخ العقل في المدينة وبعد انتهاء مهمة الجيش في ملاحقة المجموعات الخارجة عن القانون، في حين أكد رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن التوصل لوقف النار في سورية كان "بالقوة لا بالطلبات"، زاعما بالقول "بسبب نشاطنا المكثف انسحبت القوات السورية إلى دمشق وهذا أمر مهم"، كاشفا أن الزعيم الروحي للطائفة الدرزية في إسرائيل موفق طريف هو من طلب منه مساعدة الدروز في سورية، زاعما أن حكومته وضعت سياسة واضحة لنزع السلاح من جنوب دمشق ومرتفعات الجولان إلى منطقة جبل الدروز، قائلا "نحقق السلام عبر القوة في 7 جبهات".
وانسحبت وحدات الجيش السوري من مواقعها في محافظة السويداء لنقل مهام الأمن الداخلي إلى الشرطة المحلية، فيما انتشر مقاتلون دروز على جانب طريق في إحدى القرى القريبة من مدينة السويداء، وأفادت عناصر من القوات الأمنية السورية على أطراف المحافظة بأن القوات أنهت انسحابها فجرا، وأعلنت دار طائفة الدروز أنه تم الاتفاق مع دمشق لحقن الدماء وسحب القوات الحكومية من السويداء، قائلة في بيان على "فيسبوك"، إنه تم تشكيل لجنة تقصي حقائق وتعويض المتضررين، مضيفة أنه تم تفعيل الأمن الداخلي من أبناء وضباط السويداء وتنظيم السلاح الثقيل بالتنسيق مع وزارتي الداخلية والدفاع.
وبينما أعلنت وزارة الصحة السورية العثور على جثث لعناصر من قوات الأمن ومدنيين داخل مشفى السويداء، قائلة إنه تم العثور على عشرات الجثث في مشفى السويداء الوطني بعد انسحاب المجموعات الخارجة عن القانون منه، مشيرة إلى أن هناك جثثا لعناصر من قوات الأمن ومدنيين داخل المشفى، أفادت وسائل إعلام سورية برصد حالات نزوح واسع من أطراف محافظة السويداء بعد انسحاب الجيش السوري وعودة الفصائل المحلية المسلحة، وتناقلت منصات التواصل الاجتماعي صورا ومقاطع فيديو لنزوح جماعي وسط مناشدات من عائلات حملت ما تيسر من حاجيات وأمتعة بالوقوف إلى جانبهم ودعمهم في هذه المحنة، ونشرت "الإخبارية السورية" صورا لحالات نزوح واسع لعائلات البدو وبعضهم يسير على الأقدام ومنهم من ينقل أثاث بيته في شاحنات، كما أفادت صحيفة "الوطن" السورية بوجود حالات نزوح من بدو السويداء عقب منحهم مهلة للخروج من المدينة من قبل مجموعات مسلحة خارجة عن القانون تتبع لشيخ عقل الطائفة الدرزية حكمت الهجري.
وفجرا، اتهم الرئيس السوري أحمد الشرع إسرائيل بالسعي إلى تحويل بلاده إلى ساحة فوضى، قائلا في كلمة متلفزة وجهها إلى السوريين، إن "الكيان الإسرائيلي الذي عودنا دائما على استهداف استقرارنا وخلق الفتن بيننا منذ إسقاط النظام البائد، يسعى الآن مجددا إلى تحويل أرضنا الطاهرة إلى ساحة فوضى غير منتهية"، محذرا من أن إسرائيل تهدف إلى تفكيك وحدة الشعب السوري وإضعاف قدراته على المضي قدما في مسيرة إعادة البناء والنهوض، قائلا إن الكيان لا يكف عن استخدام كل الأساليب في زرع النزاعات والصراعات، غافلا عن حقيقة أن السوريين بتاريخهم الطويل رفضوا كل انفصال وتقسيم، مضيفا "نحن أبناء الأرض والأقدر على تجاوز كل محاولات الكيان الإسرائيلي الرامية إلى تمزيقنا... نحن أبناء سورية ونعرف جيداً من يحاول جرّنا إلى الحرب ومن يسعى إلى تقسيمنا".
واتهم الاحتلال الإسرائيلي، باستهداف موسع للمنشآت المدنية والحكومية لتقويض جهود الدولة في احتواء التوترات، مما أدى إلى تعقيد الوضع بشكل كبير ودفع الأمور إلى تصعيد واسع النطاق لولا التدخل الفعال للوساطة الأميركية والعربية والتركية التي أنقذت المنطقة من مصير مجهول، قائلا "كنا بين خيارين، الحرب المفتوحة مع الكيان الإسرائيلي على حساب أهلنا الدروز وأمنهم وزعزعة استقرار سورية والمنطقة بأسرها، وبين فسح المجال لوجهاء ومشايخ الدروز للعودة إلى رشدهم وتغليب المصلحة الوطنية"، مضيفا "لسنا ممن يخشى الحرب ونحن الذين قضينا أعمارنا في مواجهة التحديات والدفاع عن شعبنا لكننا قدمنا مصلحة السوريين على الفوضى والدمار، فكان الخيار الأمثل في هذه المرحلة اتخاذ قرار دقيق لحماية وحدة وطننا وسلامة أبنائه"، مشددا على محاسبة "من تجاوز وأساء لأهلنا الدروز، فهم في حماية الدولة ومسؤوليتها، والقانون والعدالة يحفظان حقوق الجميع دون استثناء".