الاثنين 21 يوليو 2025
43°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
سورية... أسئلة صعبة
play icon
كل الآراء

سورية... أسئلة صعبة

Time
السبت 19 يوليو 2025
م. عادل الجارالله الخرافي

غريبة تلك الألغاز التي انتهت إلى معارك بين مكونات سورية، وبعيداً عمن هو الصح ومن هو الخطأ، وبغض النظر عن المراجل والبيانات الصادرة من الجميع، إلا أن السؤال يبقى: اين كانت تلك الجحافل والحشود، والاسلحة ضد نظام بشار الاسد، والاعتداءات الاسرائيلية المستمرة على سورية، واين كانت من تحرير الجولان المحتل، واين كل هؤلاء عن غزة التي يباد اهلها، وغيرها الكثير من الاحداث التي شهدتها سورية طوال ثلاثة ارباع القرن؟

اعيد واكرر، هنا لا اتحدث عن التفاصيل، ومن هو صح ومن الغلط، لكن سؤالي: كيف تحولت سورية قلب العروبة النابض إلى مكونات عشائرية، ومذهبية، واصبحت العصبيات تتحكم بالمزاج العام للشعب، الذي كنا نعرف عنه أنه عربي، وحدوي، لا يميز بين هذا وذاك؟

لقد شاهدنا في الايام الاخيرة الكثير من اللغة المحرضة، والرؤوس الحامية، ومن يتحدثون عن السلاح والمراجل، ويقسم على ابادة الاخر، وهذا امر مخيف جدا، لأن الفسيفساء السورية كانت مثالا على العيش المشترك، والاندماج بالوطن، ولم نسمع يوماً عن تيارات سنية، او شيعية، او درزية، او مسيحية، وعلوية، وغيرها. كانت سورية موحدة، رغم الظلم الذي تركه النظام البعثي السابق، إلا أن احداً لم يعمل على نقض العهد الاجتماعي بين مكونات الشعب الواحد، فيما اليوم هناك من يتحدث عن حصته من الدولة، بل عن منطقة مستقلة، بناء على انتماء طائفي ومذهبي، وهناك من يتحدث عن هوية الدولة، وكأنها من لون واحد.في المقابل، هناك من يطالب اسرائيل بحمايته، والاخر يطالب روسيا بالتدخل، بينما الاطراف الاخرى تستقوي بدول اقليمية، أكانت إيران او تركيا، او غيرها، ولا شك أن ذلك يهدد سيادة الدولة، وكذلك يفسح في المجال لاستباحة الارض والعرض، ويبدو أن هناك من يعمل على تنفيذ مخططات، اقليمية ودولية، ستكون في المحصلة على حساب وجوده، وكيان دولته. فعندما تقصف اسرائيل وزارة الدفاع، وكذلك محيط القصر الرئاسي، بل عندما، ومنذ لحظة سقوط النظام السابق، تنهي القدرات السورية العسكرية عبر سلسلة من الغارات، ولا احد حرك ساكناً، فهذا يثير الكثير من علامات الاستفهام بشأن شكل الدولة التي يريدها الشعب السوري، وكيف يعيد بناء قدراته، ويحصن نفسه؟

المراقب من الخارج للحالة السورية المستجدة، يدرك أن الرؤوس الحامية، في اي موقع كانت، تدمر الشعوب، والكيانات، لا سيما إذا منحت الفرصة كي تمارس عرض العضلات على بقية مؤسسات الدولة، وكذلك على مكونات الشعب الاخرى، فاساس استقرار المجتمعات دولة قوية، ينضوي تحت لوائها الجميع.

لهذا على السوريين ان يتعلموا من دروس الشعوب الاخرى، عندما أفسحت بعض الجماعات للتدخل الاسرائيلي، او الإيراني او التركي، وغيرها من التدخلات، ماذا كانت النتيجة؟

إلى أن تحل الألغاز لا بد من عقلاء يبردون الرؤوس الحامية، حتى لو كلف ذلك الثمن الباهظ، فوحدة الشعب والدولة، اكبر من كل الشعارات والحسابات الضيقة... والله يحفظ سورية كلها.

آخر الأخبار