الثلاثاء 22 يوليو 2025
43°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
القانون الكويتي والذكاء الاصطناعي...إلى أين الاتجاه؟
play icon
كل الآراء

القانون الكويتي والذكاء الاصطناعي...إلى أين الاتجاه؟

Time
الأحد 20 يوليو 2025
عبدالرحمن الحوطي

مع التطور المتسارع في تقنيات الذكاء الاصطناعي (AI)، أصبحت الحاجة ملحة لوجود أطر قانونية واضحة تنظم استخدام هذه التكنولوجيا الحديثة، وتحد من مخاطرها المحتملة.

وفي ظل هذا الواقع الجديد، تقف الكويت - شأنها شأن العديد من الدول - أمام مفترق طرق، فإما أن تواكب التحول الرقمي، وتضع تشريعات متقدمة تحكم الذكاء الاصطناعي، وأما أن تتخلف عن الركب في ظل تطور تقني لا ينتظر أحدا.

وفي حين تتعدد استخدامات الذكاء الاصطناعي لتشمل ضمن الأنظمة الطبية والتشخيص، وأنظمة تحليل البيانات وكتابة المحتوى، وهذه الاستخدامات، وإن كانت تسهم في تحسين الكفاءة وتوفر الوقت والتكاليف، إلا أنها تطرح جملة من الإشكاليات القانونية.

من هذه الإشكاليات تحديد المسؤولية عن الخطأ الناجم عن استخدام الذكاء الاصطناعي، هل يقع على عاتق المبرمج، أم الجهة المستخدمة للنظام، أم الذكاء الاصطناعي ذاته، وما مدى قانونية استخدام الذكاء الاصطناعي في اتخاذ قرارات قد تمس حقوق الأفراد، مثل قرارات متعلقة بالإفراج المشروط أو التوظيف أو القروض البنكية؟

أضف إلى ذلك التساؤلات عن الحدود، الأخلاقية والقانونية، التي يخلقها توسع الجهات المعنية في بعض الدول باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في مراقبة الأفراد بغرض التعرف على الوجوه أو تحليل السلوك.

أما بخصوص الحالة الكويتية، فحتى تاريخ كتابة هذه المقالة، لا توجد لدينا تشريعات متخصصة، أو صريحة تنظم استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل مباشر، إلا أن ذلك لا يعني غياب تشريعي كامل مع وجود بعض القوانين العامة، يمكن أن تنطبق على بعض تطبيقات الذكاء الاصطناعي، مثل قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، والذي يجرّم بعض الأفعال التي قد تتم باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، كاختراق الخصوصية، أو التلاعب بالبيانات، كما يضع قانون المعاملات الإلكترونية إطارا عاما للتعاملات الرقمية، لكنه لا يتناول الذكاء الاصطناعي بشكل مباشر.

ومع بدء استخدام بعض الجهات الحكومية لتقنيات الذكاء الاصطناعي في الخدمات الرقمية، فإن الأمر يحتاج إلى منظومة قانونية مباشرة توفر حلولا أكثر وضوحا للمعضلات القانونية، التي تنتج عن استخدام هذه التقنية الجديدة، والفريدة من نوعها.

ولضمان استخدام آمن ومنظم للذكاء الاصطناعي في جميع مرافق الدولة العامة، والقطاع الخاص، أصبح من الضرورة إصدار تشريع خاص يضع تعاريف دقيقة للذكاء الاصطناعي، ويحدد المسؤولية القانونية، وينظم استخدامه في القطاعات كافة، لا سيما الجهات الأكثر حساسية مثل الصحة، والداخلية، والقضاء.

ومن الاقتراحات التي تستحق دراسة تطبيقها على أرض الواقع ضمن آليات تنظيم هذه التقنية إنشاء هيئة وطنية مستقلة للذكاء الاصطناعي، تكون مهمتها متابعة تطور هذه التقنية، وإصدار توصيات تنظيمية، ومراقبة مدى توافق استخدامها مع المعايير الأخلاقية والقانونية.

كما يجب مراعاة تحديث المناهج التعليمية في كليات القانون، بحيث يتم إدخال مفاهيم الذكاء الاصطناعي، وأبعاده القانونية، لتأهيل جيل جديد من المحامين والقضاة، القادرين على التعامل مع هذا الواقع.

وبطبيعة الحال، فإن العمل في الإطار الدولي، لا يقل أهمية عن إصدار تشريعات محلية، من خلال الانضمام إلى الاتفاقيات أو المواثيق العالمية، التي تسعى إلى تنظيم الذكاء الاصطناعي، مثل توصيات منظمة الـ"يونسكو" بشأن أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، التي تضمنت مبادئ أساسية تتعلق باحترام حقوق الإنسان، واحترام الخصوصية، والعدالة وعدم التمييز في استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي. ومع الأخذ بعين الاعتبار أن الذكاء الاصطناعي أصبح أداة مهمة لتحقيق التنمية المستدامة، وخدمة الأهداف الطموحة لحكومتنا في ما يتعلق التحول الرقمي ورؤية "كويت 2035"، فإن تقنين استخدامه في الكويت أصبح أمراً لا يحتمل التأجيل، فبينما يفتح الذكاء الاصطناعي آفاقا جديدة للتنمية والخدمات، فإن غياب التنظيم القانوني قد يؤدي إلى تحديات تمس الخصوصية، والحقوق، وحتى القيم المجتمعية، وعليه، فإن تطوير تشريعات مرنة ومتوازنة ومواكبة للتقنية، هو ما سيحدد وجهة الكويت في هذا المسار التقني المعقد.

محامي كويتي

آخر الأخبار