الجمعة 25 يوليو 2025
38°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
فلسطين قضية الفرص الضائعة
play icon
الافتتاحية

فلسطين قضية الفرص الضائعة

Time
الثلاثاء 22 يوليو 2025
أحمد الجارالله

الذاكرة العربية والإسلامية، متخمة بالنكسات، وانحراف البوصلة عن وجهتها الحقيقية، ولهذا فإن العودة إلى التاريخ ضرورة، خصوصاً حين يتعلق الأمر بقضية مصيرية، كفلسطين، التي مهما كتب عن الخيبات المتصلة بها، فإنه يبقى قليلاً.

لقد تغيرت البوصلة، العربية والإسلامية، كثيراً منذ عام 1936، فالثورة الأولى تحولت عند الزعماء الفلسطينيين نوعاً من المساومات، بينما في الجهة الأخرى كان الاستيطان اليهودي على أشده، بل ثمة من وجَّه الهدف إلى ناحية أخرى وهو ما فاقم الخسارة.

ففي عام 1947 رفض العرب قرار التقسيم، وعند انسحاب القوات البريطانية، عام 1948، أعلنت الدولة الإسرائيلية، وبدأت قواتها السيطرة على القرى والمدن، بينما الجيوش العربية كانت تنسحب أمامها بشكل مذل.

ولأن البلاغة عند العرب سلاحهم الأقوى، أسموا ما جرى "نكبة"، فيما تجدد مرة أخرى تصويب البوصلة بالاتجاه الخطأ، إذ بعد أربع سنوات من تلك الحرب الفاشلة، كانت حجة الضباط الأحرار المصريين، بقيادة جمال عبدالناصر أن حكومة الملك فاروق أعطت الجيش أسلحة فاسدة، بينما الحقيقة غير ذلك، وعلى هذا النحو سارت الأمور في العديد من الدول العربية، وكانت الانقلابات الشهيرة في العراق وبعدها سورية، وليبيا، واليمن، والسودان، ومحاولة الانقلاب الفاشلة في لبنان.

فـ"الثورة المصرية" غيرت وجهتها، وابتدعت حجة وهي "أن إسقاط الأنظمة الرجعية مقدمة لتحرير فلسطين"، ولهذا غزا جيشها اليمن، بدلاً من تحرير فلسطين جارته الأقرب.

في المقابل لم تكن الحال الفلسطينية أفضل، بل إن القضية تحولت استثماراً لكل من هب ودب، ولهذا أنجب الرحم الفاسد 18 فصيلاً، وكل منها يرفع شعار "التحرير من النهر إلى البحر"، بينما كلهم يعيشون في المنافي.

بعض المسلمين لم يكونوا أفضل، فها هي "الثورة الإيرانية" عام 1979 رفعت شعار "زحفاً... زحفاً حتى القدس"، بينما رأيناها تزحف إلى بيروت، وبعدها دمشق، ثم بغداد، وأخيراً صنعاء.

هذه الأخيرة لها قصة تعيد إلى الأذهان حكاية "أبو رغال الخائن" وكيف يدس سم الخيانة بعسل الشعارات، فمنذ الانشطار بين جنوب وشمال، وحتى "الربيع العربي" كان اليمن يعتبر دولة فاشلة، وما زاد الطين بلة دخول جماعة الحوثيين المشهد من أوسع أبوابه، حين استغلت الأحداث لإحكام السيطرة على البلاد، وعملت على حصر السلطة بيد نحو ثلاثة في المئة من 27 مليون يمني.

اليوم، وبعدما ارتكبت "حماس" الخطأ الستراتيجي بعملية "طوفان الأقصى" وجرّت على غزة التدمير الإسرائيلي الممنهج، والتجويع الذي لم يسبق له مثيل، جاء الحوثي كي يستغل الوضع، ويستعرض عضلاته بإطلاق بضعة صواريخ على إسرائيل، وهي حقيقة ليست من أجل نصرة فلسطين، بل خدمة لإيران وإبقاء سيطرتها على ما تبقى من أذرع لها بعد سقوط نظام الأسد، وهزيمة "حزب الله" في لبنان.

لكن أثبت الحوثيون أنهم مجانين، لعدم إدراكهم أن بلادهم بلا وحدة وعمل جاد لإنهاض المؤسسات، والسلام الداخلي، لن تقوم لها قائمة، وهي بحاجة إلى نحو 30 عاماً حتى تستعيد عافيتها، وفقاً لتقارير الجهات الدولية.

أي بدلاً من الصواريخ التي تزيد الأزمة المعيشية وتحكم الحصار على اليمن، جراء أعمال الحوثيين وقصفهم السفن التجارية في باب المندب، فإن على اليمنيين النظر إلى واقعهم، والخلاص من المأساة التي وضعهم فيها عبدالملك الحوثي، وجماعته الإرهابية، بالعمل على بناء بلدهم، بينما فلسطين لن تتحرر بالتخلف والانقسامات العربية، بل بالعقل والوعي.

آخر الأخبار