السبت 02 أغسطس 2025
42°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
'الناصرية ومواريثها'... يعيد النقاش إلى قلب التجربة
play icon
غلاف الكتاب
الثقافية

"الناصرية ومواريثها"... يعيد النقاش إلى قلب التجربة

Time
الاثنين 28 يوليو 2025
صدرت ترجمته العربية عن دار الجديد في بيروت

بعد صدوره قبل عامين في بريطانيا والولايات المتحدة عن دارَي سايمون أند شوستر ونورتون أند كومباني، أُعيد إصدار الكتاب السجالي "بالروح بالدم: الناصرية ومواريثها" للكاتب والباحث البريطاني آليكس راول، بنسخته العربية عن دار الجديد في بيروت، ليُتاح لقراء العالم العربي.

ورغم كثرة ما كُتب عن جمال عبد الناصر وسياساته، يأتي هذا الكتاب من زاوية جديدة، تتخطى سيرة القائد أو نقد النظام، لتسلّط الضوء على الشعوب التي خضعت للحكم الناصري، وعلى أشكال الرفض والمقاومة التي أبداها الناس من داخل المشروع ذاته، قبل عقود من انتفاضات 2011.

"يتفادى الباحثون دراسة الشعوب التي حكمها ناصر، والتي لم تنصع بالضرورة لاستبداده، بل ثارت مرارا وتكرارا على النظام الذي أرساه"، يكتب راول، مشيرا إلى نقطة قلّما تطرّق إليها باحث أو مؤرخ من قبل.

حيث استند راول في كتابه إلى مصادر غنية ومفتوحة، أبرزها: أكثر من 1300 خطاب وتصريح لعبد الناصر محفوظة في مكتبة الإسكندرية، مذكرات زملائه وأقاربه ومعاصريه، مقابلات خاصة مع شخصيات وناشطين عايشوا التجربة الناصرية، ليرسم من خلالها بروفايلات فردية لضحايا السلطة.

وقد اختار المؤلف أن يُقسّم بحثه على سبعة بلدان كان للناصرية فيها حضور قوي أو تأثير واضح: مصر، العراق، سورية، لبنان، الأردن، اليمن، وليبيا.

واختيار هذه البلدان يمنح الكتاب طابعًا عربيًا يعكس مدى تشابك مصائر الشعوب العربية، في ظل المشروع القومي الناصري.

اللافت في الكتاب أنه لا يُقرأ كبحث أكاديمي جافّ، بل يميل في لغته إلى السرد الأدبي، ويزخر بمعلومات طريفة وتفاصيل إنسانية.

وتأتي بعض فصوله أشبه بـ"روايات مصغّرة"، تتتبّع فيها مصير فردٍ أو مجموعة في خضم الزمان الناصري، فما من صفحة تخلو من معلومة جديدة، وما من فقرة لا تدفع القارئ إلى إعادة التفكير في المسلّمات أو الخروج من أسر الأفكار المعلّبة.

من بين المقتطفات اللافتة، يورد الكاتب قولاً منسوباً لعبد الناصر عام 1948، حين كان محاصرًا مع كتيبته في الفالوجة: "إن المصريين يخوضون الحرب الخطأ، مع العدو الخطأ، في الوقت الخطأ"، هذه العبارة، بقدر ما تختصر خيبة جيلٍ بكامله، تضيء أيضًا على الوعي المبكر بمأزق الأمة، حتى قبل أن يصبح ناصر نفسه على رأس المشروع القومي.

فلم يكن إصدار النسخة العربية مجرد ترجمة، بل ضرورة ثقافية ومعرفية، فالمصري قد لا يعرف تمامًا ما جرى في لبنان أيام الوحدة مع سورية، والعراقي قد لا يحيط بتفاصيل ما جرى في مصر... الكتاب يملأ هذه الفجوات، ويوسّع رقعة الإدراك النقدي للتاريخ المشترك.

لا شك في أن "بالروح بالدم" هو واحد من أهم الكتب التي صدرت عن العالم العربي في السنوات الأخيرة، ليس فقط لأنه يعيد قراءة مرحلة مركزية من تاريخه، بل لأنه يحرّض على التفكير خارج الاصطفافات والانتماءات.

أما أولئك الذين يناقشونه قبل قراءة سطرٍ منه، فإنهم يثبتون ما يؤكّده الكاتب: إن مواريث ناصر والشعبوية لا تزال حيّة فينا.

آخر الأخبار