السبت 02 أغسطس 2025
42°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
غوفان لـ'السياسة': الكويت حليف موثوق لفرنسا في المنطقة
play icon
السفير الفرنسي أوليفييه غوفان
المحلية

غوفان لـ"السياسة": الكويت حليف موثوق لفرنسا في المنطقة

Time
الثلاثاء 29 يوليو 2025
فارس غالب
أكد أن زيارة سمو الأمير إلى باريس فتحت فصلاً جديداً في الشراكة الاقتصادية بين البلدين
  • أولويتنا زيادة عدد الكويتيين الدارسين في فرنسا عشرة أضعاف الأرقام الحالية
  • تأسيس مجموعة عمل مشتركة لتفعيل المشاريع الاستثمارية قبل قمة "اختر فرنسا"
  • رؤيتا الكويت 2035 وفرنسا 2030 ترسمان ملامح أولويات التعاون الاقتصادي
  • مشاريع ثقافية مشتركة تشمل إنشاء أوركسترا وطنية وتدريباً متخصصاً في المتاحف والتراث

فارس غالب

تشهد العلاقات الكويتية – الفرنسية تطوراً متسارعاً وملحوظاً، مدفوعة بزخم سياسي وديبلوماسي أعاد وضع الشراكة بين البلدين تحت الأضواء، خصوصا عقب الزيارة التاريخية التي قام بها سمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد إلى العاصمة الفرنسية "باريس"، تلبية لدعوة الرئيس إيمانويل ماكرون للمشاركة في احتفالات العيد الوطني الفرنسي في 14 يوليو الجاري.

وفي ظل هذا التقدّم المتسارع في مسار العلاقات الثنائية، التقت "السياسة" سفير الجمهورية الفرنسية لدى الكويت أوليفييه غوفان، الذي تحدّث بصراحة عن آفاق التعاون المقبلة، والمجالات ذات الأولوية، مؤكدا أن بلاده تنظر إلى الكويت كحليف موثوق في المنطقة، وأن المرحلة المقبلة ستشهد مزيدا من التنسيق على المستويين الثنائي والدولي. وفيما يلي تفاصيل اللقاء:

 

كيف انعكست زيارة صاحب السمو أمير البلاد إلى باريس على الشراكة الاقتصادية بين فرنسا والكويت؟

زيارة سمو الأمير إلى فرنسا شكّلت محطة مفصلية في تعزيز الشراكة الاقتصادية بين بلدينا، خصوصا مع توقيع اتفاقية الشراكة الاستثمارية الستراتيجية 2025–2035، التي تضع خارطة طريق للتحولات التكنولوجية والاقتصادية في مجالات الطاقة والابتكار، انسجاما مع رؤيتي "الكويت 2035 "و"فرنسا 2030". ونصت الاتفاقية على تشكيل مجموعة عمل مشتركة للاستثمار المتبادل، هدفها تحويل الشراكة إلى مشاريع ملموسة استعدادا لقمة "اختر فرنسا" المقبلة. وفي 13 يوليو، التقى سموه عددا من قادة الشركات الفرنسية الرائدة في قطاعات حيوية، في نقاشات ركّزت على دعم التحول الاقتصادي للكويت من خلال نقل الخبرات وتعزيز التعاون في المجالات ذات الأولوية. وأكدت الزيارة التزام القيادتين بتشجيع الهيئات الحكومية، مثل بنك الاستثمار العام الفرنسي والهيئة العامة للاستثمار الكويتية، على ضخ استثمارات في مشاريع تنموية وصناديق اقتصادية ذات طابع ستراتيجي.

الشركات الفرنسية اليوم حاضرة بفعالية في السوق الكويتي، خصوصا في مجالات الطاقة، والبيئة، والنقل، والضيافة، وهو ما يعكس تقدير الكويت للخبرة الفرنسية. في المقابل، تشهد الاستثمارات الكويتية في فرنسا نموا لافتا، مستندة إلى خطة "فرنسا 2030" التي خصصت 54 مليار يورو لدعم الابتكار ومعالجة التحديات البيئية والتكنولوجية الكبرى

تعميق الشراكة

كيف ساهمت التبادلات والفعاليات الثنائية في 2025 في تعزيز الشراكة الاقتصادية بين البلدين؟

شهد عام 2025 زخما لافتا في التبادلات الاقتصادية بين فرنسا والكويت، أسهم في تعميق الشراكة وتوسيع مجالاتها. وفي فبراير، شارك وزير الاتصالات الكويتي عمر العمر وعدد من المعنيين بالاقتصاد الرقمي في "قمة عمل الذكاء الاصطناعي" بفرنسا، والتي استقطبت أكثر من 40 ألف مشارك، وشهدت الإعلان عن استثمارات ضخمة في القطاع تجاوزت 100 مليار يورو. كما تخللتها خطوات نوعية في مجال الابتكار الطبي، أبرزها وضع حجر الأساس لمركز أبحاث السرطان المعتمد على الذكاء الاصطناعي.

استقبلت قمة "اختر فرنسا" في مايو بقصر فرساي، وفدا كويتيا برئاسة الشيخ سعود عبد العزيز الصباح، المدير العام للهيئة العامة للاستثمار، في فعالية شهدت 53 إعلانا استثماريا بقيمة 40.8 مليار يورو، لتؤكد فرنسا مكانتها كوجهة أولى للاستثمار الأجنبي في أوروبا. أما في يونيو، فقد جمع منتدى "رؤية الخليج" في باريس أكثر من 1200 مشارك من فرنسا ودول مجلس التعاون، بينهم نحو 20 شخصية اقتصادية كويتية. وأسفر عن أكثر من 2000 اجتماع عمل، أسهمت في بلورة مشاريع تعاون واعدة في مجالات المياه، إدارة النفايات، الطاقة النظيفة، والتحول الرقمي.

ما القطاعات التي تُحددونها حاليا كأولويات لتطوير التبادلات الاقتصادية والاستثمارات المتبادلة؟

رؤيتا (الكويت 2035 ) و (فرنسا 2030 ) ترسمان إطاراً واضحاً ومشتركاً لتعزيز الشراكة الاقتصادية بين البلدين، وتضعان مجموعة من القطاعات ذات الأولوية للتعاون المستقبلي. وتتجه الجهود في الكويت، نحو ترسيخ مكانتها كمركز تجاري ولوجستي محوري في المنطقة، ما يفتح الباب واسعا أمام فرص استثمارية متبادلة. فرنسا بدورها ملتزمة بدعم هذه الطموحات، خصوصا في مجالات البنية التحتية، المدن المستدامة، والذكاء الاصطناعي، وهي قطاعات تتقاطع مباشرة مع خطط التحوّل الكويتي. الشركات الفرنسية الكبرى حاضرة ومشاركة بالفعل في هذا المسار، وتعمل في إطار توجه مشترك نحو الابتكار والاستدامة ونقل المعرفة. كما نُرحب بالاهتمام المتزايد من المستثمرين الكويتيين بفرنسا، حيث يجري حاليا تطوير فرص استثمارية متقدمة في تلك القطاعات الحيوية، بما يعكس الطابع التبادلي المتوازن للعلاقة الاقتصادية بين الجانبين. إلى جانب ذلك، يبرز قطاع الرعاية الصحية كإحدى الركائز الرئيسية للتعاون المشترك، مع بحث فرص استثمارية لدعم تحديث أنظمة الصحة وتعزيز التعاون في مجالات البحث الطبي والابتكار العلاجي.

يعدّ التحوّل في مجال الطاقة أولوية مشتركة بين فرنسا والكويت. كيف يُمكن لفرنسا دعم ستراتيجية الكويت في التنويع الاقتصادي، خصوصاً في مجالات الطاقة والتكنولوجيا والمدن المستدامة؟

التحول في مجال الطاقة والتنويع الاقتصادي يمثلان محورين مشتركين بين فرنسا والكويت، ويعكسان التقاء واضحاً في الرؤى والأولويات. ويواجه كلا البلدين تحديات كبرى مرتبطة بإزالة الكربون، الابتكار التكنولوجي، والتنمية المستدامة، ما يجعل من توحيد الجهود أمرا حتميا. وتحققت في أبريل 2024خطوة أساسية في هذا الاتجاه، خلال زيارة وزير أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسي جان نويل بارو إلى الكويت، حيث تم توقيع إعلان نوايا لتعزيز التعاون في قطاع الطاقة، مع تركيز خاص على تطوير مصادر الطاقة المتجددة.

هذا الإعلان يُجسّد الرغبة المشتركة في بناء شراكة طويلة الأمد في هذا المجال الحيوي، ويتماشى تمامًا مع أولويات رؤية الكويت 2035، التي تضع التحول الطاقي في صلب استراتيجيتها الاقتصادية الجديدة. وفرنسا، جاهزة بخبرتها في الابتكار والتقنيات النظيفة، لدعم الكويت في مسيرتها نحو تنويع اقتصادي فعّال يرتكز على طاقات نظيفة، بنى تحتية مستدامة، ومدن ذكية تواكب تحديات المستقبل.

الرعاية الصحية

قطاع الرعاية الصحية بات يحظى باهتمام مشترك متزايد بين فرنسا والكويت. كيف ترون مستقبل هذا التعاون؟

تُشكّل الرعاية الصحية أحد الأعمدة الأساسية في الشراكة الفرنسية – الكويتية، وتجسّد الثقة المتبادلة بين شعبي البلدين، لا سيما في ظل استمرار فرنسا كوجهة مفضلة للمرضى الكويتيين، خاصة في مجال علاج الأورام. وشهد التعاون الطبي مؤخرا تطورا نوعيا، تمثّل بتوقيع عدة مذكرات تفاهم بين وزارة الصحة الكويتية ومؤسسات طبية فرنسية مرموقة. من أبرزها الاتفاقية الموقعة مع معهد غوستاف روسي في فبراير 2025، والذي يُعدّ من الرواد عالميا في أبحاث وعلاج السرطان. كما أعقبت زيارة سمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد إلى باريس توقيع خمس اتفاقيات جديدة تهدف إلى تحسين جودة الرعاية الصحية في الكويت من خلال إدخال خدمات التطبيب عن بُعد، الاستشارات المتخصصة، والتدريب المستمر للكوادر الطبية.وعبرت القيادتان في كلا البلدين عن التزام واضح بدعم هذا التعاون، سواء عبر تبادل الخبرات، أو استقبال المرضى، أو تطوير البحث الطبي. ومن اللافت أن هذا التعاون بدأ يثمر ابتكارات ملموسة، من بينها نجاح طبيب كويتي، في يوليو 2025، في إجراء عملية جراحية عن بُعد من ستراسبورغ لمريض في الكويت، في سابقة تُبرز التلاقي بين التميز الطبي والتكنولوجيا المتقدمة. وتواصل فرنسا، بشراكتها التاريخية مع الكويت، ريادتها في المجال الطبي، وستعزز هذا الدور عبر استضافة "قمة الصحة الواحدة" وأكاديمية منظمة الصحة العالمية في مدينة ليون خلال العام الجاري.

فيما يتعلق بالتعاون الثقافي بين فرنسا والكويت، ما دور المعهد الفرنسي في تعزيزه؟ وهل هناك مشاريع جديدة قيد الإعداد؟

يمثل المعهد الفرنسي في الكويت القلب النابض للتعاون الثقافي والتعليمي بين بلدينا، فهو يجسّد الحضور الفكري واللغوي والفني لفرنسا، ويُعد منصة حيوية لتعزيز الثقافة الفرنسية والفرنكوفونية. الفعاليات السنوية التي يُنظمها، بالشراكة مع مؤسسات كويتية، تشهد تفاعلا لافتا، ومنها شهر الفرانكوفونية في أبريل، والحفلان الموسيقيان لأوركسترا باريس الفيلهارموني في مركز جابر الأحمد الثقافي في أكتوبر 2024، واللذان مزجا بين التراثين الكويتي والفرنسي. ونعمل كذلك على تعزيز الروابط الأكاديمية والمجتمعية من خلال مبادرات مثل "جمعية السوربون"، وشبكات الخريجين والباحثين، مع مشاريع مستقبلية في التعليم الفني، التراث، والبحث العلمي. تستضيف الكويت المركز الفرنسي لأبحاث شبه الجزيرة العربية (CEFREPA)، منذ 2015 والذي يؤدي دورا رئيسيا في التعاون العلمي، ويُنسق بعثتين أثريتين سنويا إلى جزيرة فيلكا بالتعاون مع المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب.

وأطلقت زيارة سمو الامير الشيخ مشعل الاحمد إلى باريس في يوليو الماضي دفعة جديدة لهذا التعاون، وتُوّجت بتوقيع إعلان نوايا لتوسيع الشراكة الثقافية، يشمل دعم المعهد الفرنسي ومركز CEFREPA، وتنفيذ مشاريع مستقبلية من بينها إنشاء أوركسترا مقيمة في الكويت، وتقديم برامج تدريبية متخصصة في علم المتاحف والحفظ والوساطة الثقافية، بهدف تعزيز وصول الجمهور إلى المجموعات الفنية، ورفع مكانة التراث الكويتي محليا ودوليا.

التعاون الأكاديمي

هل توجد حاليا برامج منح دراسية أو تعاون أكاديمي بين المؤسسات الفرنسية والكويتية؟

يشهد التعاون الجامعي بين فرنسا والكويت تقدما متسارعا، ضمن رؤية ستراتيجية تهدف إلى توسيع نطاق الشراكة التعليمية. فعدد كبير من الطلاب الكويتيين يختارون فرنسا لاستكمال دراساتهم الجامعية، خصوصا في مجالات التميز مثل الهندسة والطب، وهي تجربة تمنحهم ميزة نوعية خارج الإطار التقليدي للتعليم الأنغلو-ساكسوني، وتُنمّي التفكير النقدي المرتبط بالنموذج الأكاديمي الفرنسي. ويتمثل الطموح المشترك اليوم في مضاعفة عدد الطلبة الكويتيين في الجامعات الفرنسية بمعدل عشرة أضعاف. فالتجارب الأكاديمية العابرة للحدود لا تُخرج فقط كفاءات علمية، بل تُنتج أيضا روابط إنسانية وثقافية دائمة، وتُسهم في ترسيخ التفاهم العميق بين الشعوب. وتعمل فرنسا على تسهيل إتاحة الوصول إلى مؤسساتها الرائدة، مثل معهد العلوم السياسية، وجامعة الدراسات العليا للتجارة، وسنتـرال سوبيليك، مع تعزيز البرامج الدراسية المقدمة باللغة الإنكليزية، ما يتيح للطلاب غير الناطقين بالفرنسية بدء الدراسة والانخراط التدريجي في اللغة.

ويحظى هذا التوجه بدعم برامج المنح الدراسية بالتعاون مع "كامبوس فرانس"، إلى جانب تعزيز الاتفاقيات الأكاديمية بين مؤسسات البلدين. وخلال زيارة سمو أمير البلاد إلى باريس، أكد الجانبان التزامهما بتوسيع حراك الطلبة، بما في ذلك زيادة عدد المنح الحكومية الكويتية للدراسة في فرنسا، مع التركيز على القطاعات الابتكارية مثل الذكاء الاصطناعي، التكنولوجيا، والتحول البيئي.

 

الفرنسية ثالث أكثر اللغات تداولاً في الكويت بعد العربية والإنكليزية

ردا على سؤال عما اذا كان تعليم اللغة الفرنسية يشهد تقدماً في الكويت؟ وما المبادرات المتخذة لتعزيز مكانة اللغة والثقافة الفرنسية في النظام التعليمي؟ قال السفير غوفان: إن تعليم اللغة الفرنسية في الكويت يشهد تطورا مستمرا منذ إدخالها إلى النظام التعليمي في عام 1966، حتى أصبحت اليوم ثالث أكثر اللغات تداولا في البلاد بعد العربية والإنكليزية. ما يقارب 1400 معلم ومعلمة يدرّسون الفرنسية في المدارس الحكومية والخاصة، ما يعكس حضورا راسخا للغة في المنظومة التعليمية.

لكن الفرنسية في الكويت ليست مجرد لغة أجنبية، بل أداة للحوار الثقافي والتفكير النقدي والانفتاح على العالم. يلعب المعهد الفرنسي دورا محوريا في هذا السياق، عبر أنشطة تعليمية وثقافية، وتنظيم فعاليات مثل "ديوانيات الفرانكوفونية"، العروض السينمائية، والندوات التي تجمع بين الناطقين بالفرنسية ومحبيها. يحظى هذا التوجه بدعم قوي من مجلس تعزيز الفرانكوفونية في الكويت، برئاسة سمو الشيخ ناصر المحمد، وكذلك من السفارات الفرانكوفونية والمجتمع المدني، ما ساهم في ترسيخ بيئة ثقافية نابضة بالفرنسية، خصوصًا خلال شهر الفرانكوفونية.

وعقب زيارة سمو أمير البلاد إلى باريس، عبّر قادة البلدين عن التزامهم بتوسيع تدريس الفرنسية ضمن النظام التعليمي الكويتي، وهو ما بدأ يتجسد فعليا بافتتاح القسم الدولي الفرنسي (BFI) في المدرسة الثانوية الفرنسية عام 2024، لتقديم برنامج ثنائي اللغة يؤهل الطلبة للالتحاق بأرقى الجامعات العالمية.كما تستمر الجهود في مجالات تدريب المعلمين، وتوسيع التبادل الأكاديمي والطلابي، وتطوير المناهج بما يتوافق مع تطلعات الجيل الجديد واحتياجات سوق العمل الحديث.

آخر الأخبار