التأثير الإيجابي للغِياب الستراتيجي

يشير الغياب الستراتيجي في هذه المقالة إلى عدم الحضور الاختياري، وهي ستراتيجية سلوكيّة فعْالة، يتبعها الإنسان عندما يرغب في تطوير شخصيته، أو لكي ليعيد حساباته الحياتية، أو ليعيد ترتيب أولوياته أهدافه، أو للتخلص من بعض العلاقات السلبية التي عانى منها في السابق.

ويختار المرء العاقل الغياب الستراتيجي في بعض الظروف والمواقف الحياتية التالية:

-عدم التقدير: يشعر الفرد أحياناً بعدم التقدير من أعضاء الأسرة الآخرين، أو الأصدقاء، أو بعض معارفه، ومن أجل أن يعيد حساباته الشخصية في ما يرتبط بعلاقاته المختلفة، ويختار الإنسان الغياب لفترة زمنية محددة بهدف إعادة فحص معاييره السلوكية الاعتيادية.

وبقصد إعادة برمجة فرضيّاته الفكرية ومعاييره النفسية، وربما لإعادة النظر في طرق تعامله مع من كان يعتبرهم مقرّبين إليه، ويتّبع بعد ذلك سلوكيّات فعّالة تزيد ثقته بنفسه، وتضع الآخرين في حياته في أماكنهم الطبيعية.

-مخاطر الحضور والانكشاف المفرط: يتطلّب من المرء العاقل أن يحضر المناسبات، الأسرية والاجتماعية، قدر ما يستطيع، ولكن يجدر به بين الحين والآخر أن يغيب لفترة محدّدة بهدف منح الآخرين الفرصة للاشتياق له، وربما لإعادة ترتيب أولوياته الأسرية والشخصية، ومن يكثر حضوره وانكشافه على الناس بشكل مفرط يقلّ تقديرهم له.

-الغياب للاستجمام: لنفسك عليك حق، ومن يغيب، وربما يختار السفر للراحة للاستجمام، ولتجديد النشاط، ولإراحة عقله وقلبه من هموم الحياة، ولإزالة السموم النفسية التي دخلت نفسه بسبب احتكاكه بكائنات بشريّة سيّئة.

ومن يحرص على إراحة نفسه وجسده وعقله بين الحين والآخر، يطول عمره، والله عز وجل أعلم.

- الحضور الهدّام: يظنّ بعض الأفراد أن حضورهم المستمر في كل المناسبات الأسرية والاجتماعية هو أمر أخلاقي إلزامي، ولكن يوجد أيضاً حضور سلبي يضعف الشخصية، وربما يهدم ما بناه الإنسان من إنجازات حياتية إيجابية، ومن أمثلة الحضور الهدّام، مخالطة ومجالسة غير الأكفاء نفسيّا وفكريّا، وأصحاب العقد النفسية والحمقى.

-الحضور الستراتيجي: يحضر المرء بين الناس لكي يستفيد من بعض سلوكيّاتهم الإيجابية، وليتعلّم من أخلاقهم الحسنة.

كاتب كويتي

@DrAljenfawi