الجمعة 08 أغسطس 2025
38°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
هرب المهاجرون... فوجدوا الجوع والخوف
play icon
كل الآراء

هرب المهاجرون... فوجدوا الجوع والخوف

Time
الاثنين 04 أغسطس 2025
أحمد الدواس
مختصر مفيد

أخبرني صديق مغربي، قبل 35 عاماً، أن بعض الناس في المغرب يحاول عبور مضيق جبل طارق بحراً نحو إسبانيا، لكنهم لا يأخذون بالحسبان خطر الأمواج العالية المتدفقة من حوض البحر الأبيض المتوسط والمتجهة نحو المحيط الأطلسي، التي تشتد عند عبورها المضيق، فتقلب القارب وركابه، ويغرقون في أغلب الأحوال.

خلال السنوات الأخيرة اضطربت الأوضاع في بلدان غرب أفريقيا، بفعل الفقر والعنف، أو الحروب الأهلية، ما دفع بكثير من الأفارقة إلى الهجرة والرحيل شمالا، إما إلى المغرب أو ليبيا للعبورمنها الى إيطاليا.

ففي المغرب وتونس يتجمعون في مخيمات سرية موقتة، وهنا يدفعون المال لعصابات التهريب أملاً في نقلهم بحراً إلى الساحل الإسباني أو الإيطالي، للبحث عن مصدر رزق لإعالة أسرهم الفقيرة، والبعض منهم يحلم أن يكون لاعب كرة قدم في نادٍ أوروبي.

في الأحوال العادية يدفع المسافر نحو 25 يورو،أي تسعة دنانير كويتية، لعبور مضيق طارق بالسفن، لكن بالتهريب تبلغ ألفي يورو، أي نحو 740 دينارا كويتيا، جمعها هذا الأفريقي بشق الأنفس.

وتتكرر حوادث الزوارق المنقلبة بهم، ويموت الكثيرون في عرض البحر، بفعل الأمواج، أو العواصف العاتية، من بينهم نساء وصغار سن لا يعرفون السباحة، وفي مياه باردة، ولم تأل ايطاليا واسبانيا جهداً في إنقاذ الكثير منهم، وتنتشل زوارق البحرية المغربية الغرقى، ومن تعتقله يودع السجن، أو الترحيل الى بلده.

من المعروف أن اسبانيا عندما طردت العرب من الأندلس طاردتهم، ولحقت بهم الى الأراضي المغربية، واحتلت منطقتين فيها، هما سبته ومليلة، فوضعت الأسلاك الشائكة بينها وبين المغرب، لذلك اذا دخل أحد المهاجرين المنطقتين فكأنما دخل الاتحاد الأوروبي.

استطاع بعض الأفارقة دخول أوروبا بالتهريب، وتزامن دخولهم مع نشوب الحرب الأهلية السورية، إذ غادر كثير من السوريين بلدهم باتجاه تركيا وأوروبا، واشترك معهم لاجئون من أفغانستان، لكن تنظيم "داعش" الإرهابي حرك عناصره المتطرفة في سنة 2016، فارتكبت تفجيرات قتلت بعض الأوروبيين في فرنسا وبلجيكا وألمانيا، فتحركت بلدان البلقان، كهنغاريا ومقدونيا وكرواتيا وسلوفينيا، ووضعت الأسلاك الشائكة على حدودها، ومنعت تدفق اللاجئين.

وظهر في فرنسا تيار يميني معاد للمهاجرين والإسلام، وفي النمسا فاز تيار يساري متعصب يتزعمه شاب، هو سباستان كورز، برئاسة الوزراء، ليترأس حكومة متعصبة، إلى جانب حكومة هنغارية متعصبة برئاسة فكتور اوربان، وظهرت المشاعر المعادية للمهاجرين في طول القارة الأوروبية وعرضها.

يعبرآلاف الأفارقة مضيق باب المندب على متن قوارب متهالكة، ويشقون طريقهم عبر منطقة الحرب في اليمن سعيا للوصول إلى السعودية على أمل العثور على فرص عمل، فمن أثيوبيا يعبر المهاجرون الصحراء سيرا على الأقدام إلى جيبوتي أو الصومال، ويدفعون للمهربين نحو 300 دولار مقابل ركوب قارب إلى اليمن، ومن هناك يتجهون شمالا مرورا بالمناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، فيخاطرون بتعريض أنفسهم لاعتداء فصائل مسلحة، كما يهرب آلاف السودانيين من جحيم الحرب في بلدهم إلى ليبيا، وفي طرابلس يطلب المهربون منهم 3500 دولار لعبور البحر المتوسط، وقال مهاجر: "كان الطريق صعبا، في كلّ نقطة تدفع إتاوة أو يهددونك، لقد خرجنا من دولة ميليشيات إلى دولة ميليشيات، وبعد رحلة طويلة ومرهقة محفوفة بالمخاطر، وصلنا طرابلس. لكن هناك وجدت واقعا أكثر قسوة من الذي هربنا منه".

[email protected]

آخر الأخبار