الجمعة 08 أغسطس 2025
37°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
الرائد المؤثر في التواصل الاجتماع
play icon
كل الآراء

الرائد المؤثر في التواصل الاجتماع

Time
الأربعاء 06 أغسطس 2025
د.منيف محمد الطوالة

الرائد، هو ذاك الشخص الذي يعتمد عليه الناس في رسم خطة المستقبل، وغالباً هو من الموثقين عند أصحابه وأهله، وإذا أخبر بخبر نادراً ما يعارضه قومه، لأنه لا يتصور أبداً أن يكذبهم، أو يخونهم، أو يسير بهم نحو المهالك.

وفي الأثر المشهور "إن الرائد لا يكذب أهله"، وكان الناس يعتمدون عليه، فقد كانت مهمته نوعية، ولها تأثير على اتجاه حركة القبيلة أو المجتمع، فهو كما في المعجم الوسيط "الرائدُ من يتقدّم القومَ يبصر لهم الكلأ ومساقط الغيث".

إنّ المؤثّر اليوم في التواصل الاجتماعي، مثل الرائد من حيث أثره على الناس.

فالتواصل الاجتماعي والإعلام الرقمي أصبحا جزءاً من ذات الإنسان، ويقضي معهما أكثر وقته، ويتنقل بين أدواتهما المتنوعة، والناس المؤثرين فيه نوعين: الأول مثله مصعب بن عمير (رضي الله عنه) (المؤثرون الايجابيون): إذ كان رائداً مميّزاً واختاره النبي (صلى الله عليه وسلم) ليكون سفيراً له في المدينة المنورة، فجذب بأسلوبه الليّن، وسمته الحسن خَلقاً كثيراً من أهل المدينة. وأسهمت خصاله التي ميزته من سكينة، وأناة وعلم، وقوة حجة في انتشار الإسلام في المدينة، حتى لم تبق إلا بيوت معدودة لم يدخلها.

وهكذا لابد على المؤثرين في عالمنا اليوم، أن يكونوا مثل مصعب في التأثير على المتابعين حيث يمكن توجيههم إلى ماهو خير لهم في الدنيا والآخرة، والمساهمة في حمايتهم من المفسدين في الإعلام الاجتماعي، ورعايتهم بالكلمة الطيبة واللفتات الجميلة والنصائح المثمرة.

ولتعلم أيها المؤثر أن هذا القبول لك من أعظم النّعم عليك. فقد أخبر النبيّ (صلّى الله عليه وسلم): "إنَّ من الناس ناساً مَفاتيح للخير مَغاليق للشَّرِّ، وإنَّ من الناس ناساً مَفاتيح للشَّرِّ مَغاليق للخير، فطُوبَى لِمَن جعَل الله مَفاتيح الخير على يدَيْه، ووَيْلٌ لِمَن جعَل الله مفاتيح الشَّرِّ على يدَيْه"(رواه ابن ماجه).

فانظر لهذا الوصف الدقيق لحالة الناس والتشبيه البليغ، فالمؤثر كأنّه بكلماته ومقاطعه مفتاح يستطيع به أن يفتح قلوب الناس لما يملك من قدرات، ومهارات، ويملؤها إمّا بالخير وإما بالشر، والأعجب في النتيجة، إما (طوبي) أو (ويل) وللمؤثر أن يختار النتيجة. وهناك توجيه من النبي يوضح للأثر المتعدي للناشط في التواصل الاجتماعي "الدالَّ على الخير كفاعِلِه" (رواه الترمذي). وهذا الحديث من الأحاديث العظيمة التي تثبت أن الأجور أو الآثام لا تتوقف عند البلاغ، فإنّها تتعدى في تأثيرها على المتلقي، وربما المتلقي ينقلها لمن بعده لحديث "فرُبَّ مُبَلَّغٍ أوْعَى من سامِعٍ"(رواه الترمذي).

لذا على كل مؤثر أن يحرص في الاقتداء بمصعب، وأمثاله من الموجهين والمؤثرين العظماء الذين جعلوا لهم بصمة وأثرا، ولا يكون كالوليد بن المغيرة المثل الثاني للمؤثرين السلبيين: كانَ عظيم القدر فِي زمانه، ويمتلك حجّة وبيانا، وعلما ومهارات، وقدرات عجيبة وصفها الله بكتابة الكريم "ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدا *وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَمْدُودا * وَبَنِينَ شُهُودا * وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا * ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ".

لكن استعملها في الحرب على دعوة الإسلام والتلبيس على الجماهير، بطرق ذكية وتفكير دقيق وأساليب لغوية "إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ* فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ نَظَرَ * ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ * ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ * فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ * إِنْ هَذَا إِلاَّ قَوْلُ الْبَشَرِ * سَأُصْلِيهِ سَقَرَ".

وهنا وصفه الله بوصف عجيب، وهذا الوصف ينطبق على كثير من المؤثرين الفاسدين من حيث التخطيط والمهارة في الكذب أو في تجميل المعاصي، أو المنكرات او الشبهات.

فمن أراد من المؤثرين أن يحقق الريادة في الدنيا والاخرة في مجال الإعلام الرقمي فعليه ما يلي:

1-أن يجعل نيته في العمل على وسائل التواصل الاجتماعي خالصة لوجه الله تعالى.

2-أن يحذر من نشر الشائعات، والأكاذيب، والشبهات التي قد تضر بالمجتمع وتثير الفتن. قال (صلى الله عليه وسلم): "كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِباً أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ" (رواه مسلم).

3-tأن يحرص على قول الكلمة الطيبة، وأن يتجنب الغيبة والنميمة، والسخرية والاستهزاء بالآخرين، ويحترم خصوصيتهم، وألّا ينتهك حرماتهم.

4- أن يتحمل المسؤولية الأدبية والشرعية في ما يقول وما يفعل على وسائل التواصل الاجتماعي.

كاتب كويتي

آخر الأخبار