- حمود العنزي: المرادم الحالية والقديمة من أكبر التحديات البيئية التي تواجه الكويت
د.عبدالله الزيدان: الكويت تملك أكبر مردم للإطارات في العالم بمحتوى يتجاوز 44 مليون إطار
- عبدالله الهذال: إغلاق موقع الجهراء يستلزم وجود بديل بيئي واقتصادي مستدام
إيناس عوض
إيناس عوض
في قلب صحراء الكويت، تخفي الرمال ما هو أكثر من مجرّد أراضٍ مهجورة، إنها مرادم النفايات، بعضها نشط والآخر مغلق منذ عقود، لكن أثرها لا يزال ينذر بمخاطر عديدة من أبرزها التلوث، والروائح، والانبعاثات الخطرة، والتبديد لموارد ثمينة.
"السياسة" تسلّط الضوء ـ في هذا التقرير ـ على المرادم باعتبارها واحدة من أكثر الملفات البيئية والاقتصادية الشائكة والمهملة في الكويت، في وقت تحوّلت فيه دول مجاورة إلى رائدة في تدوير النفايات واستثمارها.
البداية كانت مع عضو المجلس البلدي السابق ورئيس مركز النزاهة الوطني المهندس حمود العنزي الذي أكد في تصريح خاص الى "السياسة" على أن مرادم النفايات القائمة حاليا، وكذلك المرادم القديمة تعتبر من اكبر التحديات البيئية التي تواجه الكويت، لارتفاع معدل النفايات بالنسبة للفرد بالكويت مقارنة بدول الخليج، حيث تنتج الكويت كما هائلا من النفايات البلدية الصلبة المنزلية والزراعية والتجارية تصل الى 2 مليون طن من النفايات سنويا، مشيرا الى ان المساحة الاجمالية لمرادم النفايات الثلاثة التي تعمل حاليا وهي مردم الدائري السابع ومردم الجهراء ومردم ميناء عبدالله اجمالي تبلغ 9.5 كيلومتر مربع.
وقال: إن تلك المرادم لم تؤسس في البداية على معايير وأسس صحية حيث تم تحويل مواقع حفر دراكيل قديمة الى مرادم نفايات، ما ترتب عليه المزيد من المخاطر البيئية والصحية الحقيقية المتعلقة بالملوثات المصاحبة للمرادم، ومن أبرزها الانبعاثات الغازية الخطرة، بالإضافة الى مخاطر تلويث المياه الجوفية والتأثير سلباً على جودة الحياة للمناطق السكنية المحيطة، حيث إن تلك المرادم تعتبر قريبة من المناطق السكنية التي تتأثر بشكل سلبي حسب سرعة واتجاه الرياح.
واضاف: في الوقت ذاته تعتبر النفايات فرصا استثمارية واعدة، اذ استطاعت الكثير من الدول اطلاق مشاريع صناعية اقتصادية ذات مردود عال بناء على النفايات الصلبة او البلدية أو النفايات بأنواعها ويظل التحدي في بناء نموذج اقتصادي ناجح والعمل على جميع مراحل دورة تدوير النفايات بدءا من الفرز من المصدر حتى انتاج مختلف المنتجات النهائية سواء استخدام النفايات في توليد الطاقة أو إعادة تدوير النفايات الى منتجات يعاد استخدامها.
وكشف العنزي أن كمية النفايات الصلبة المتولدة في الكويت المقدرة بـ 2 مليون طن سنويا يمكن تحويلها عبر محطة خاصة الى وقود بديل وإنتاج مليون طن سنويا من الوقود البديل (RDF – Refuse Derived Fuel) وبالتالي استخدامه لإنتاج طاقة كهربائية تعدل 1,250 غيغا وات سنويا أي ما يعادل توفير 735,000 برميل نفط مكافئ سنويا تقريبًا وتجنب انبعاثات كربونية تصل الى مليون طن من ثاني أكسيد الكربون
44 مليون إطار!
بدوره، قال المختص في شؤون البيئة ونائب مدير الهيئة العامة للبيئة للشؤون الفنية سابقاً د. عبد الله الزيدان: لا يمكن الحديث عن الاستدامة البيئية أو تحقيق أهداف التنمية المستدامة ضمن رؤية "كويت جديدة 2035 " دون التطرق بجدية إلى قضية مرادم النفايات في دولة الكويت، سواء النفايات البلدية أو نفايات الإطارات، مشيرا الى أن الكويت تعتبر ثالث دولة خليجية اعلى انتاج اليومي للفرد للنفايات المنزلية، اذ يبلغ معدل انتاج الفرد اليومي من النفايات 2.3 كيلو جرام يومياً.
وشدد الزيدان أيضا على تسريع وتيرة المعالجة لملف مرادم نفايات الإطارات، التي تمثل أحد أكبر التحديات البيئية في البلاد، إذ تحتوي على كميات هائلة من الإطارات المستهلكة التي تُشكّل عبئًا بيئيًا واقتصاديًا في آنٍ واحد، حيث تمتلك الكويت أكبر مردم للاطارات في العالم بمحتوى يتجاوز 44 مليون اطار، وبزيادة سنوية تقارب 2.2مليون اطار سنوياً، مشيرا الى أن وضع منظومة لمعالجة نفايات الإطارات يتطلب اشتراطات خاصة لتحقيق الاستفادة الاقتصادية القصوى منها، حيث يشكل العمر الافتراضي للاطار غير الصالح للاستخدام اكثر من السنة بعد التخلص منه، وان زادت المدة عن سنة بعد ردمه فان الشركات العالمية المتخصصة في إعادة التدوير ترفض تدويره لعدم صلاحيته للتدوير (فقدان المرونة وتصلب الاطار) لان المادة الخام أصبحت غير صالحة
واختتم الزيدان بالتأكيد على ضرورة الانهاء الشامل والكامل لفكرة مرادم النفايات من خلال منظومة متكاملة لفرزها تبدأ بالمستهلكين ثم مؤسسات الدولة
خيار ستراتيجي
من جهته، قال عضو المجلس البلدي ورئيس لجنة الجهراء عبدالله الهذال: إن محافظة الجهراء تضم أحد أكبر المرادم على طريق السالمي بجانب واحة الغانم هذا المردم، الذي تجاوز عمره الـ45 عامًا، بات يشكل مصدر قلق بيئي وصحي حيوي، حيث أدى إلى تراكم النفايات وارتفاعها بأكثر من 50 مترًا، ما تسبب في إصدار غازات كريهة تؤذي المناطق المجاورة مثل العيون، والواحة، وقد تكررت الشكاوى من المواطنين حول تلك الأضرار.
واشار الى ان البلدية افادت في ردها على كتاب محافظ الجهراء الذي طالب فيه باغلاق المردم أو نقله بأن المردم الحالي هو الوحيد على حدود المحافظة، وأنها ملتزمة تمامًا بقوانين حماية البيئة، لا سيما المادة 36 من قانون حماية البيئة رقم 42 لسنة 2014، التي تحظر إنشاء أو توسعة مرادم جديدة إلا بموافقة المجلس الأعلى للبيئة، مع الالتزام بإجراء دراسة أثر بيئي وتطبيق اللوائح التنفيذية ذات العلاقة. لذلك، فإن إغلاق موقع الجهراء يستلزم أولاً وجود بديل بيئي واقتصادي مستدام، وبناء عليه أعدت البلدية الستراتيجية المتكاملة لادارة النفايات الصلبة منذ عام 2015 وحدثتها عام 2018 وهي تتوافق مع التزامات قانون البيئة، وتم اعتماد مشروع تنفيذ وتشغيل موقع الردم الصحي في منطقة كبد كخيار ستراتيجي لاستقبال كل النفايات بدلاً من المردم الحالي في الجهراء، بعد اكتمال الإجراءات، بما يحقق الإزاحة التدريجية للمردم القديم ويحد من مخاطره البيئية والصحية.
تأسيس شركة وطنية لإعادة تدوير النفايات
قدم العنزي اقتراحا لحل مشكلة مرادم النفايات في البلاد وهو تأسيس شركة وطنية استثمارية تتولى الاستثمار في النفايات وإعادة التدوير وتكون مملوكة للدولة وتتولى الاستحواذ على شركات إعادة التدوير ودعمها وأيضا تقوم بعمل شراكات عالمية.
ردم النفايات دون فرز
صورة جوية لمردم الإطارات
ثروات تحت الرمال
في حين تذهب دول خليجية نحو تحويل النفايات إلى طاقة أو تدويرها صناعيًا، لا تتجاوز نسبة التدوير في الكويت 10%، مقارنة بـ 50% في الإمارات، 40% في المملكة العربية السعودية، و35% في مملكة البحرين.
وبحسب تقديرات غير رسمية، تخسر الكويت عشرات الملايين من الدنانير سنويًا نتيجة عدم الاستفادة من المواد القابلة لإعادة التدوير، سواء في الصناعات أو الطاقة.
حقائق وأرقام في ملف المرادم والنفايات
كشف المتحدثون عن جملة من الحقائق والأرقام أبرزها ما يلي:
● انتاج الكويت من النفايات الصلبة: 2 مليون طن سنويا
● انتاج الكويت من النفايات بأنواعها 43 مليون طن سنويا
● المساحة الاجمالية لمرادم النفايات الـ3 حوالي 9.5 كيلومتر مربع
● النفايات يمكنها انتاج طاقة كهربائية تعادل 1.250 غيغا وات سنويا
● الكمية ذاتها يمكنها توفير 735.000 برميل نفط مكافئ
● انتاج الفرد اليومي من النفايات الى 2.3 كيلو جرام
● مردم الاطارات يتجاوز 44 مليون اطار وبزيادة سنوية 2.2 مليون اطار
● 300 مليون دينار تنفق سنويًا على إدارة النفايات
● النفايات البلاستيكية تشكل حوالي 18% من "الصلبة"
● تحتضن الكويت 18 مردمًا تاريخيًا بينها 7 فقط مستخدمة حاليا
● تأهيل مرادم النفايات المغلقة يحتاج من 5 الى 15 سنة