قبل إجراءات العهد الجديد التي أوقفت الشطط، والعبث بكل مفاصل الدولة، والفوضى في المناصب، كل هذا ضيّع على الدولة الكثير من الفرص، بل جعلها تبدو أنها تعيش شيخوخة مبكرة، وعجزاً في قطاعات عدة.
لا شك أن العبث طال المال السيادي، وكل أذرع القوة المالية الكويتية، وهو ما أثر على العصب الأساسي للدولة، لذا بعد إجراءات العهد، لا بد من الالتفات إلى صندوق الأجيال، والتأمينات الاجتماعية، ودخل النفط، والحركة التجارية الصناعية، التي تشكل مع نواحي أخرى، ومنها الانفتاح، الناتج الوطني.
سمو رئيس مجلس الوزراء...
بوصفك من أهل المال والاقتصاد، نتحدث إلى سموك بصراحة، فنقول: آن الأوان للنظر إلى تعزيز صناعة المال الكويتي، وتعظيم القوة الناعمة، فحين إنشاء صندوق الأجيال، كان جزء منه للمستقبل والاستثمار طويل الأجل، وكما رأى المغفور له الشيخ جابر الأحمد، رحمه الله.
وقبل ذلك، كانت الكويت الأولى في العالم التي أسست صندوقاً استثمارياً، عام 1953، وتراكم هذا طوال العقود الماضية، لكن المفارقة أن النرويج، التي أسست صندوق التقاعد عام 1990، سبقت الكويت كثيراً، رغم حداثة عهدها في هذا الشأن.
لماذا؟ لا شك أن النظرة القاصرة على أن المواطن "أبخص" كانت السبب، بينما الصين التي فيها عقول عظيمة، لم تركن إلى ذلك، بل عملت في العام 1978 على الاستعانة بالخبير البريطاني، من أصل عراقي، إلياس كوركيس، الذي بنى لها ستراتيجية، جعلتها اليوم الاقتصاد الثاني في العالم، كذلك سنغافورة التي تحولت من بلد فقير يعمُّه الفساد إلى أكبر اقتصاد منتج في قارة آسيا، ومركز مالي يشار إليه دولياً.
سمو الرئيس...
اليوم، العالم يتغير، وهناك الكثير من الدول، ومنها في المنطقة، سبقت الكويت بأشواط، لأنها استعانت بالعقول، أكانت من أهل البلد أو أجنبية، وعملت على استغلال أموالها السيادية في شتى المجالات المنتجة، داخلياً وخارجياً، في الداخل عملت على الاستثمار في الأراضي الفضاء، ببناء مرافق خدماتية، وغيرها، حتى مدن ترفيهية، ما ساعد على تعزيز الناتج الوطني.
اليوم، "التأمينات الاجتماعية" تخدم نحو 150 ألف متقاعد، وبعد حين ستخدم آلافاً أخرى، وتعاني من عجز اكتواري، فيما علاجه سهل، بينما لديها سيولة يمكن توظيفها في الاستثمار المحلي، أفضل كثيراً من أن تفقد تلك الأموال كما جرى لها في لبنان.
لا شك أن عوائد النفط لها وظيفتها الاستثمارية أيضاً، التي يمكنها أن تساعد على تطوير المرافق الصناعية، ليس فقط الداخلية في الصناعة النفطية، بل أيضاً في مجالات أخرى عدة، وهذا يحتاج إلى خبراء ليس بالضرورة أن يعتمروا الغترة والعقال، بل أن يكونوا من الخارج الذين نجحوا في دول أخرى.
اليوم، لم يعد هناك ضغط على الحكومة، أكان من النواب أو متنفذين، وبات من الضرورة أن تبدأ عملية النهوض بالتنمية، وفق رؤية تستند إلى تعزيز الناتج الوطني من جهة، وترسخ الاستقرار الاقتصادي من جهة أخرى، وكذلك تفعيل أدوات القوة الناعمة الكويتية في الإقليم والعالم، عبر بناء منظومة مالية صحيحة، ومنع الاستغلال مستقبلاً للمال السيادي في مغامرات رعناء.
سمو الرئيس...
مسار المال والاقتصاد في أميركا يديره خبراء ليسوا بالضرورة من البلد نفسه، ويجري إكرامهم، ويأخذون حقهم.
في الكويت، هناك احتياطيات للنفط، ومعها المال السيادي، وكذلك "التأمينات الاجتماعية"، وزارة المالية، إذا كان فيها رجال يعرفون كيف يتحركون، ويربحون.
سمو الرئيس...
كل دول العالم تستخدم أفضل العقول من جنسيات أخرى، كي تخدم اقتصادها وتعزز ناتجها الوطني.. ولهذا، فإن العمل بالمثل الشائع: "كل الطرق تؤدي إلى روما"، أصبح ضرورة، فالمهم القرار، وهذا هو وقته، كي نقول عن بلدنا الكويت "إنها غير" بحق وحقيق.