الثلاثاء 12 أغسطس 2025
38°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
'سوار' حين تعكس السينما مرآة الهوية والإنتماء
play icon
كل الآراء

"سوار" حين تعكس السينما مرآة الهوية والإنتماء

Time
السبت 09 أغسطس 2025
هاجر السليم

كما جرت العادة، حين يبدأ عرض الأفلام السعودية في دور العرض المحلية، قبل أن تنتقل إلى الخليج، بدأت رحلتي من المدينة الخفجي، منذ اللحظة التي أُطفئت فيها أنوار القاعة الصغيرة، وبدأت شارة البداية.

شعرت أنني على موعد مع عمل استثنائي، فيلم "سوار" ليس مجرد قصة تُروى على الشاشة، بل هو نبض حقيقي لحكاية واقعية، هزّت وجدان مجتمعين، السعودي والتركي، قبل أكثر من عقدين.

أسامة الخريجي، في تجربته الروائية الطويلة الأولى، قدّم جرعة درامية مكثفة، لا تبحث عن الإثارة المفتعلة، بل تنبش بعمق في أسئلة الهوية والانتماء، وكيف يمكن لطفل أن يعيش في بيت لا يحمل دم أهله، وهل الانتماء بيولوجيا فقط أم هو شعور يتجذر في الروح؟ أسئلة يتركها الفيلم مفتوحة، ليغادر المشاهد القاعة، وهو يحملها معه، ربما لسنوات.

القصة التي كتبها رشيد المنجم بذكاء وسلاسة، تستند إلى واقعة حدثت عام 2003، حين تم تبيدل طفلين حديثي الولادة خطأ.

الفيلم يقسم الحكاية إلى ثلاثة فصول، يوازن فيها بين التوثيق العاطفي والدراما الإنسانية، ليقودنا من لحظة الخطأ، إلى سنوات التربية في بيت غير بيولوجي، وصولاً إلى صدمة اكتشاف الحقيقة.

التصوير في العُلا أضاف للفيلم بعداً بصرياً مبهراً، حيث تحولت الطبيعة السعودية إلى جزء من السرد، تهمس بحكاية كل شخصية وتمنحها أفقاً أوسع، وأداء، فهيد بن دمنان، يوسف ديميروك، وسارة البهكلي، كان صادقاً حد الوجع، جعلنا نعيش الحيرة والفرح، والحزن، كما لو كانت قصتنا نحن.

"سوار" لم يكن مجرد فيلم يُعرض على الشاشة الكبيرة، بل حدث ثقافي افتتح به مهرجان أفلام السعودية دورته الحادية عشرة، هو شهادة على نضج السينما السعودية، وعلى قدرتها في ملامسة القلوب قبل العقول، وفي تحويل الحكايات المحلية إلى رسائل إنسانية عالمية.

في النهاية، خرجت من القاعة وأنا أردد: "سوار" ليس خاتمة لقصة قديمة، بل بداية لحوار طويل عن معنى الإنتماء، وأي الأوطان تسكننا أكثر، أوطان الدم أم أوطان القلب؟.

كاتبة سعودية

آخر الأخبار