الرئيس اللبناني جوزاف عون
"حزب الله" يُصعّد والجيش يحذر من "تحركات غير محسوبة"
بيروت، عواصم - وكالات: شدد الرئيس اللبناني جوزاف عون على ضرورة إعادة ربط لبنان بدور إقليمي فاعل يسهم في عمليات إعادة الإعمار ويشارك في المشاريع الإقليمية ويتفاعل مع التحولات الكبرى التي تعيد رسم خريطة الاقتصاد في المنطقة، قائلا خلال افتتاحه مؤتمر الاقتصاد الاغترابي الرابع الذي نظمته مجموعة الاقتصاد والأعمال بالاشتراك مع وزارة الخارجية اللبنانية وبالتعاون مع الهيئات الاقتصادية اللبنانية، إن الحكومة تعمل على قوانين اصلاحية بعضها صار قانونا وبدأ تطبيقه وبعضها لايزال قيد التحضير، منوها بقانون المناطق الاقتصادية الحرة للصناعات التكنولوجية وقانون إعادة هيكلة المصارف ومعالجة الفجوة المالية ورفع السرية المصرفية وقانون استقلالية القضاء، مؤكدا الدور الكبير الذي يؤديه المغتربون اللبنانيون في دعم الاقتصاد المحلي من خلال نقل تجاربهم واستثماراتهم الى لبنان.
وأضاف أنه رغم الانهيار الكبير الذي شهده لبنان خلال السنوات الماضية على مختلف الأصعدة، كان الاغتراب النبض الوحيد الذي ظل ثابتا والمغتربون كانوا دائما أول من لبى النداء وقت الحاجة وكانوا أحيانا كثيرة أسرع وأكثر فعالية من الدولة، متابعا أن لبنان اليوم ليس في حاجة فقط إلى دعم مالي بل إلى شراكة حقيقية يكون فيها المغترب مستثمرا وناقلا للمعرفة وشريكا في التخطيط وفي القرار، وأن يأتي حاملا معه فكرا وإرادة لخلق فرص عمل ويدعم المشاريع الصغيرة التي تنبض بالحياة في كل منطقة من البلاد، كاشفا أنه منذ اندلاع الأزمة الاقتصادية بلغ متوسط التحويلات السنوية من اللبنانيين في الخارج نحو 6.5 مليارات دولار فيما شكلت في ذروة الانهيار 33 بالمئة من الناتج المحلي.
من جانبه، حذّر الجيش اللبناني من تعريض أمن البلاد للخطر من خلال تحركات غير محسوبة النتائج، وذلك إثر خروج أنصار "حزب الله" وحركة "أمل" لليلة الثالثة على التوالي بمسيرات تخللها صدامات، تنديداً بقرار حصر السلاح بيد الدولة، واكد الجيش أنه يحترم حرية الرأي، لكنه لن يسمح بأي إخلال بالأمن أو السلم الأهلي، مشدداً على أنه لن يسمح بقطع الطرقات أو بالتعدي على الأملاك العامة والخاصة، مؤكدا ضرورة تحلي المواطنين وجميع الفرقاء بالمسؤولية في هذه المرحلة الصعبة.
ولليوم الثالث على التوالي، خرج مناصرو "حزب الله" وحركة أمل ليل أول من امس، بمسيرات احتجاجية بواسطة السيارات والدراجات النارية رفضاً لاتخاذ الحكومة قراراً بحصر السلاح بيد الدولة والموافقة على أهداف الورقة الأميركية، وقالت وكالة الإعلام اللبنانية الرسمية إنه لليوم الثالث على التوالي، انطلقت مسيرات لدراجات نارية وسيارات في مدينة النبطية وبلداتها المحيطة تحمل أعلام حركة أمل و"حزب الله" وإيران، جابت الشوارع الرئيسية للمدينة وهي تبث الأناشيد والشعارات المؤيدة لحزب الله، وفي بلدة الغازية قضاء الزهراني، ذكرت الوكالة أن بعض الشبان تجولوا عبر الدراجات النارية، رافعين شعارات مؤيدة لحزب الله ورافضة للقرار الحكومي بشأن حصر السلاح بيد الدولة، كما قطع أنصار "حزب الله" طريقي زحلة وشتورة في البقاع شرق لبنان وطريق بعبدا الحازمية في جبل لبنان، وأفادت مصادر بأن الجيش اللبناني اعتقل عدداً من مناصري "حزب الله" بعد وصولهم وسط العاصمة بيروت.
في غضون ذلك، انفجرت ذخائر من مخلفات الحرب بفريق هندسة تابع للجيش اللبناني خلال تفكيك بعض القذائف بقضاء صور في الجنوب، ووقع الانفجار في المنطقة الواقعة بين بلدتي مجدلزون ووزبقين خلال نقل الجيش لقذائف مدفعية من مخزن لـ"حزب الله" وأفادت معلومات عن سقوط قتلى وجرحى من الجيش اللبناني، حيث تحدثت مصادر قناتي "العربية" و"الحدث" السعوديتين عن وقوع ستة قتلى بين الجنود، وهرعت فرق الإسعاف والدفاع المدني فوراً إلى مكان الانفجار، بينما اطلع الرئيس اللبناني جوزاف عون في اتصال أجراه مع قائد الجيش العماد رودلف هيكل على ملابسات ما أسماها "الحادثة الأليمة" التي أدّت إلى سقوط العسكريين، "نتيجة انفجار ذخائر بوحدة من فوج الهندسة في الجيش في أثناء عمل أفرادها على سحبها وتعطيلها"، بحسب بيان صادر عن الرئاسة اللبنانية، في حين نعى رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام مقتل عناصر الجيش اللبناني الذين لقوا حتفهم "وهم يؤدّون واجبهم الوطني".
إلى ذلك، تواصل الترحيب الدولي بقرار الحكومة اللبنانية اعتماد خطة عملية لتنفيذ قرار حصر السلاح بيد الدولة باعتباره سبيلا لاستقرار لبنان، ورحب الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية جاسم البديوي معتبرا القرار يشكل خطوة مهمة نحو تعزيز سيادة الدولة اللبنانية، واعتبر الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط حصرية السلاح مبدأ أساسي من مبادئ السيادة لا يجوز تجاهله أو خرقه تحت أي ذريعة، ورحبت فرنسا بالقرار "التاريخي والشجاع" الذي يعكس الإرادة السياسية الصادقة بجعل لبنان دولة يعاد بناؤها ضمن حدود معترف بها ومتفق عليها مع جيرانها وفي سلام دائم معهم، وأكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي ونظيره المصري بدر عبدالعاطي ضرورة الحفاظ على اجواء الثقة والتنسيق بين الأطراف السياسية اللبنانية وتجنب الاجراءات التي قد تخلق توترات داخلية.