- السعودية دعت مزيداً من الدول إلى الاعتراف... ووفد "حماس" في القاهرة لاستئناف محادثات الهدنة
- الاحتلال يرتكب مجزرة بشعة ويغتال مراسلين لقناة "الجزيرة" لإسكات صوت الحقيقة والتغطية على مذابحه الوحشية
غزة، عواصم - وكالات: بعد إعلانات مماثلة من فرنسا وبريطانيا وكندا، وفيما قالت نيوزيلندا إنها تدرس اتخاذ موقف مماثل الشهر المقبل، أعلنت أستراليا أمس، أنها ستعترف بدولة فلسطينية خلال الدورة الـ80 للجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر المقبل، بينما رحبت السعودية ودعت المزيد من الدول إلى الانضمام إلى الزخم الدولي لإقرار حل الدولتين، وقال رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي في مؤتمر صحافي إن بلاده ستعترف بدولة فلسطينية خلال الدورة الـ80 للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر المقبل للمساهمة في الزخم الدولي نحو حل الدولتين ووقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح الرهائن، مضيفا أن الاعتراف سيكون مشروطاً بالتزامات تلقتها أستراليا من السلطة الفلسطينية تشمل استبعاد حركة "حماس" من أي دولة مستقبلية، مؤكدا أن حكومة رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تُقوّض فرص السلام بتوسيع المستوطنات ورفضها قيام الدولة الفلسطينية، قائلا إن حل الدولتين هو أفضل أمل للإنسانية لكسر دائرة العنف في الشرق الأوسط وإنهاء الصراع والمعاناة والجوع في غزة، موضحا أنه تحدث مع نتنياهو وأبلغه بأن الحل السياسي هو المطلوب، لا العسكري.
من جانبه، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى ايقاف إطلاق نار دائم في قطاع غزة، محذرا من أن خطة الاحتلال الإسرائيلي للسيطرة على غزة ومحيطها تمثل "كارثة غير مسبوقة" وتهدد بإشعال حرب دائمة في المنطقة، معتبرا إعلان الاحتلال عن توسيع عملياته العسكرية في مدينة غزة ومخيمات المواصي وإعادة احتلالها "يعد اندفاعا متسرعا نحو حرب دائمة وسيبقى سكان غزة وكل الأسرى أول الضحايا لهذه الستراتيجية"، داعيا لتشكيل بعثة استقرار بتفويض من الأمم المتحدة لتأمين القطاع وحماية المدنيين ودعم الحكم الفلسطيني والعمل على نزع سلاح "حماس"، مشددا على ضرورة بناء تحالف دولي تحت مظلة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار ومكافحة الإرهاب ومنع مزيد من التصعيد.
بدورها، أكدت مصر أن توسيع العمليات العسكرية في غزة يشكل خطورة بالغة وسيؤدي للتدهور وعدم الاستقرار، وشدد وزير الخارجية والهجرة المصري بدر عبدالعاطي في اتصال هاتفي مع نظيره الألماني يوهان فاديفول على رفض مصر الكامل لسياسة التجويع والقتل الممنهج، مرحبا بإعلان الحكومة الألمانية تعليق صادرات الأسلحة والمعدات العسكرية إلى الاحتلال، داعيا الاتحاد الأوروبي إلى التحرك السريع لإيقاف التصعيد الإسرائيلي الخطير.
في غضون ذلك، وصل وفد من ممثلي حركة "حماس" إلى القاهرة بهدف متابعة الاتصالات مع الجانب المصري لاستئناف التفاوض غير المباشر مع إسرائيل حول الوضع في قطاع غزة، حيث أفادت وكالة "معاً" بأن الوفد برئاسة القيادي في الحركة خليل الحية يتواصل مع الوسطاء المصريين الذين يسعون إلى المساعدة في استمرار عملية التفاوض مع الجانب الإسرائيلي، بينما أبدت القاهرة استعدادها لبذل جهود جديدة من اجل تقريب المواقف عقب الضغوط الإقليمية والدولية لوقف القصف الإسرائيلي وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة.
من جانبهم، قال مسؤولون عسكريون إسرائيليون إن جيش الاحتلال قد يحتاج أسبوعاً إضافياً لوضع الخطوط العريضة لهجومه واحتلاله لمدينة غزة وتحديد حجم القوات المطلوبة ومدة بقائها، ونقلت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" عن المسؤولين أن عملية الإعداد تتضمن حسم تفاصيل مسارات الاقتحام وما إذا كان التنفيذ سيتم دفعة واحدة أو على مراحل، مضيفين أن قوات الاحتياط ستستدعى في كل الأحوال، سواء للمشاركة في الهجوم أو لتبديل القوات النظامية في جبهات أخرى، أو لكلا الغرضين، مشيرين إلى أن دولة الاحتلال استدعت منذ هجوم السابع من أكتوبر 2023 الذي نفذته "حماس"، نحو 287 ألف جندي احتياط في ذروة التعبئة، وذكرت هيئة البث الإسرائيلية أن الجيش يرجح الدفع بكامل قواته النظامية إلى غزة، فيما ستوكل مهمة تأمين الجبهات الأخرى إلى قوات الاحتياط.
ميدانيا، تواصلت مجازر الاحتلال، حيث أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة استشهاد خمسة صحفيين في قصف للاحتلال استهدف خيمتهم في مدينة غزة، ليرتفع بذلك عدد الصحفيين الشهداء منذ بدء حرب الإبادة والتجويع التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على القطاع إلى 237 صحفيا، قائلا إن الشهداء هم مراسلي قناة الجزيرة أنس الشريف ومحمد قريقع والمصوران الصحفيان إبراهيم ظاهر ومؤمن عليوة ومساعد مصور صحفي محمد نوفل الذين استشهدوا جميعا في قصف الاحتلال على خيمتهم، مضيفا أن عملية الاغتيال تمت مع سبق الإصرار والترصد بعد استهداف مقصود ومتعمد ومباشر لخيمة الصحفين في محيط مستشفى الشفاء بمدينة غزة، لافتا إلى إصابة عدد من الصحفيين الآخرين نتيجة القصف، معتبرا استهداف طائرات الاحتلال الصحفيين والمؤسسات الإعلامية "جريمة حرب مكتملة الأركان تهدف لإسكات الحقيقة وطمس معالم جرائم الإبادة الجماعية، ما يشكل تمهيدا لخطته الإجرامية للتغطية على المذابح الوحشية الماضية والقادمة التي تنفذ في قطاع غزة".
وفي السياق، كثفت قوات الاحتلال الإسرائيلية قصفها العنيف والمكثف على شرق مدينة غزة، كما عمد جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى نسف مبان سكنية في شرق المدينة، وفي وسط القطاع، استهدف القصف المدفعي الإسرائيلي محيط محور نتساريم، كما استهدف الطيران المروحي شرق مخيم البريج وسط غزة، فيما ضربت الزوارق الحربية المناطق الغربية من مخيم النصيرات وسط القطاع، وأفادت المعلومات باستشهاد نحو 66 فلسطينياً في استهدافات إسرائيلية خلال 24 ساعة، منهم 29 من طالبي المساعدات، في مشهد بات يتكرر بشكل شبه يومي.
وسكت الشريف... صوت غزة الذي أوجع الاحتلال وفضح جرائمه
غزة، عواصم - وكالات: "اللهم تقبّلني في الشهداء، واغفر لي ما تقدّم من ذنبي وما تأخّر، واجعل دمي نوراً يُضيء درب الحرية لشعبي وأهلي"، دعاء استقبل به الصحافي الفلسطيني أنس الشريف الموت القادم من جيش الاحتلال، ليكتب فصلاً آخر من بطولات لا يمكن حصرها شهدتها وما زالت أرض غزة منذ أكتوبر 2023، واختصرت رسالة الشريف التي كتبها في أبريل الماضي كل شيء، الألم والوجع الفلسطيني، الشجاعة والمقاومة، الصمود أمام جبروت العدوان وظلمه، خذلان العالم لشعب يرفض الخضوع للمحتل، شعب يودع كل يوم مجموعة من أطفاله ونسائه ورجاله الجياع، وفي مطلع رسالته قال الشريف: "إن وصلَتكم كلماتي هذه فاعلموا أن إسرائيل قد نجحت في قتلي وإسكات صوتي".
فلسطينيون يؤدون صلاة الجنازة خارج مجمع مستشفى الشفاء في مدينة غزة على جثامين الصحافيين وفي الإطار الشهيد أنس الشريف (أب)
وكان أنس الشريف الذي اعترف الاحتلال باغتياله في استهداف جوي لخيمة تجمّع صحافيين ملاصقة لمجمع الشفاء الطبي غرب مدينة غزة إعلامياً بارزاً يعمل مراسلاً لقناة "الجزيرة"، دائماً في موقع الحدث؛ ينقل للعالم جرائم الاحتلال بحق المدنيين أولاً بأول، ممارساً مهنته، لا يحمل سوى لاقط الصوت، ويحمي نفسه بدرع وخوذة مخصصين للإعلاميين، وكان الإعلامي الشهيد يعلم أنه سيستشهد، فهو كان مهدداً، ووفق ما يدعي جيش الاحتلال "شغل منصب قائد خلية في حماس، وكان يخطط لعمليات إطلاق صواريخ باتجاه إسرائيل"!، لكن الشريف لم يكن له من الهم سوى نقل الصورة الحقيقية لما يدور في وطنه للعالم. يقول في وصيته: "يعلم الله أنني بذلت كل ما أملك من جهدٍ وقوة لأكون سنداً وصوتاً لأبناء شعبي، مذ فتحت عيني على الحياة في أزقّة وحارات مخيّم جباليا للاجئين، وكان أملي أن يمدّ الله في عمري حتى أعود مع أهلي وأحبّتي إلى بلدتنا الأصلية عسقلان المحتلة "المجدل" لكن مشيئة الله كانت أسبق، وحكمه نافذ"، ومثل سابقيه من سكان غزة الذين كتبوا وصيتهم قبل أن يستشهدوا حيث يعرفون مصيرهم، فليس في الوصية توزيع تركة أو مال، ففي غزة الوصية تختلف تماماً، هناك يوصون الآخرين بأحبائهم، لذلك كتب الشريف: "أوصيكم بفلسطين، درة تاجِ المسلمين، ونبض قلبِ كلِّ حرٍّ في هذا العالم. أوصيكم بأهلها، وبأطفالها المظلومين الصغار، الذين لم يُمهلهم العُمرُ ليحلموا ويعيشوا في أمانٍ وسلام، فقد سُحِقَت أجسادهم الطاهرة بآلاف الأطنان من القنابل والصواريخ الإسرائيلية، فتمزّقت، وتبعثرت أشلاؤهم على الجدران"، وتابع في وصيته: "أوصيكم ألّا تُسكتكم القيود، ولا تُقعِدكم الحدود، وكونوا جسوراً نحو تحرير البلاد والعباد، حتى تشرق شمسُ الكرامة والحرية على بلادنا السليبة"، وأوصى بأهله؛ بابنته شام وولده صلاح وزوجته، وختم وصيته قائلاً: "أوصيكم بوالدتي الحبيبة".