يبقى ناجي العلي (حنظلة) من أشهر فناني الكاريكاتير الأقدر على اصطياد اللحظات النادرة والفريدة من خلال رسوماته السياسية الناقدة، دفع ثمنها في 1987، رصاصة حقد على رأسه؛ فأصيب بجروح خطيرة، ظل على أثرها راقداً في مستشفى بلندن حتى خرجت روحه النضالية، في 29 / 8/ 1987، لتستقر في عقول الآلاف من شباب "فلسطين" التي ولد فيها عام 1939، وهاجر منها مع عائلته عام 1948 إلى مخيم عين الحلوة في لبنان الشقيق.
وبعد رحلة طويلة من المعاناة داخل المخيم وخارجه، خارج السجن العربي وداخله بسبب رسوماته التي استطاع بها أن يسخر من أعداء شعبه الفلسطيني المقهور، وأن ينتقد بل ويهجو الفاسدين المفسدين، سافر إلى الكويت عام 1963 للعمل في مجلة "الطليعة" الكويتية، فرسم كاريكاتيرا واحدا في الأسبوع، وبعد شهرين رسم صفحة ثم صفحتين، فغلاف؛ عما يجول في عقله ونفسه من آلام وأحزان وسخط مهاجر فلسطيني يعاني الأمرّين في غربته عن وطنه (فلسطين).
وفي العام 1968 فتحت له أبواب العمل في جريدة "السياسة"، وفي العام 1973 أي بعد (حرب أكتوبر) ضد المحتلين الصهاينة لشبه جزيرة سيناء، وقناة السويس، عمم ناجي العلي "حنظلة" وهو يضع يديه خلف ظهره علامة على علامات الرفض للظلم والفساد والخداع.
وشاهداً على المراقب الواعي المستنير للأحداث من حوله، فظهر المتحرك الثائر، في اللحظات الحرجة، عند استبداد الحزن والأسى والألم والغضب به.
وفي العام 1975 ذهب ناجي العلي للعمل في جريدة السفير (اللبنانية)، فشهد زمن الحرب الأهلية هناك التي زادته تواصلاً مع جماهير المخيمات الفلسطينية البائسة في لبنان.
لكنه عاد ثانية إلى الكويت؛ ليعمل في جريدة "السياسة"؛ فاستمر فيها لغاية نوفمبر 1977 ثم عمل في جريدة "القبس" حتى عام 1985.
وبالعودة إلى معظم رسومات ناجي العلى الكاريكاتيرية ابتداء بمجلة "الطليعة" وانتهاء بـ"القبس" نرى أن هناك أشياءً كثيرة كان ناجي العلي يرمز إليها في رسوماته، دون ملل أو كلل، أو وجس وخوف، فكانت تسبب له المتاعب والمشكلات كثيراً.
فقد رسم لفلسطين ورسم ضد المحتلين الصهاينة لها، وضد الأميركان وحلفائهم، وكان أول من نبّه إلى الشين؛ جدار الفصل العنصري بين الفلسطينين واليهود، كما رسم للفقراء المقهورين، ووضع نفسه إلى جانبهم وجانب المستضعفين في الأرض، ورسم مطالباً بالوحدة العربية. باختصار: كانت رسوماته الكاريكارتيرية السياسية والاجتماعية، مرآة عاكسة لوضعنا العربي والفلسطيني الصعب والمرّ في آن واحد، وما نشعر به نحو المقهورين الغلابة العرب من آلام وآمال، وظل هكذا ملتزماً بالفن الهادف حتى غادرنا مغدوراً في 29 /8 / 1987، ،لكن روحه الثورية ساكنة في كل عقل وقلب فلسطيني حرّ أبيّ، يطمح لوطن صالح يعيش فيه بكرامة، حاضراً ومستقبلاً.
كاتب فلسطيني