منذ زمن كتبت "إذا هناك رغبة هناك طريق"، وهذا مثل إيطالي يدل على ما يجب فعله كي تنجح المؤسسات، وفي علم الإدارة ثمة قاعدة ذهبية وهي يجب إخضاع المصالح الفردية إلى المصلحة العامة، وليس العكس، فيما كانت الكويت طوال العقود الماضية تعيش على نمط معاكس، جلب لها التخلف والتراجع.
مثلاً، منذ سنوات ونحن نتحدث عن ضرورة إصلاح البنية التحتية للكهرباء، والخروج من دوامة الخوف كل صيف من انقطاع التيار في وقت ذروة الحر، والاستجرار من الدول المجاورة، وهذا الأمر فيه تكاليف كبيرة على المالية العامة.
لكن للأسف، كان هذا المرفق الحيوي يخضع للابتزاز من متنفذين كانت لهم أدواتهم في مجلس الأمة، كما جرى في كل المشاريع الكبرى خلال 30 عاماً، وبدلاً من التحديث زادت العراقيل، ولهذا كان كل شيء في الكويت يتراجع، حتى شعرنا وكأننا نعيش في دولة من القرن التاسع عشر، بمظهر عصري، لذا، حين تعلن الحكومة اليوم مشروعاً ما فيه فائدة للكويت، الجميع يرحب.
في هذا الشأن، إن مجرد توقيع عقد المرحلتين الثانية والثالثة من محطة الزور، هو بمثابة تأكيد على أن البلاد ماضية في طريقها إلى الإنجازات، بعيداً عن التدخلات النيابية والمتنفذين الذين جعلوا كل شيء بثمن يقبضونه سلفاً، وإلا سيعرقلون المشروع، عبر مفاتيحهم في مجلس الأمة، أو لجنة المناقصات، أو ديوان المحاسبة، أو شتى الوزارات.
بينما لو كانت هذه المشاريع تحققت منذ زمن لكانت الكويت وفرت على نفسها الكثير، أكان في تعطل حركة الإنتاج، أو الوقت المهدور جراء انقطاع التيار، أو مالياً، إذ خسرت الكثير، وربما أكثر من مليار دينار في السنوات الماضية، لكن كما يقال "أن تأتي متأخراً أفضل من ألا تأتي أبداً".
اليوم نعيش مرحلة جديدة كلياً عما ألفناه في العقود الثلاثة الماضية، في عهد لديه رغبة في الإصلاح، وفي الوقت نفسه عنده سرعة في القرار، لهذا تعيش الكويت اليوم نوعاً من الانتعاش التنموي، وصحيح أن إنشاء هذه المحطة الجديدة التي ستفيد الكويت كثيراً، رغم أنها ستبدأ العمل بعد ثلاث سنوات من اليوم، لكن المطلوب السرعة في الإنجاز، فمن يعمل لا بد أن يخطئ، ومن لا يعمل لا يخطئ، لكنه يكون قد حكم على نفسه بالتخلف.
لذا، ثمة الكثير من المشاريع التي تحتاج إليها البلاد منذ عقود، وتأخرت كثيراً، فيما كلها ضرورية، وتخدم الاقتصاد الوطني، بدءاً من البنية التحتية للخدمات، مروراً بالمشاريع الصحية والطبية، كي تكون مقصداً من الخارج للسياحة الطبية، وصولاً إلى مشاريع الترفيه التي تشجع على إنفاق الأموال في الداخل، بدلاً من الهجرة الموسمية في كل إجازة إلى الدول المجاورة، وكذلك تطوير الجزر، والعمل على تسريع مشروع ميناء مبارك، والمطار الجديد، وغيرها، بمعنى آخر وبالعامية "خلوا الناس تجي البلد، مو الكويتيين يروحون ديرة ثانية".