كثير من الخبراء يرون أن هذه اللقاءات غالباً ما تكون مبنية على توزيع مصالح جديدة أو "كعكة" تفاوضية، أكثر منها محاولة لإحداث تغييرات جذرية، فهي تتيح للزعماء إعادة ترتيب الأوراق، وتبديد الوقت، وطمأنة الداخل والخارج، دون أن يكون لها أثر حاسم على مآلات الأزمات الكبرى.
لعلّ من أبرز الأحداث السياسية الأخيرة هو اللقاء الذي جرى بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والذي أثار الكثير من التكهنات والتحليلات حول أهدافه وتأثيراته المحتملة على الوضع العالمي، خصوصا الأزمة الأوكرانية والملف الفلسطيني.
ينظر العديد من المراقبين إلى هذا اللقاء على أنه قد تناول ملفات عدة، أبرزها: كيفية التخفيف من حدة التوتر في شرق أوروبا، وإمكانية إعادة النظر في مواقف البلدين تجاه الأزمة الأوكرانية، وربما محاولة التوصل إلى تفاهمات تساهم في التهدئة، أو على الأقل التقليل من التصعيد العسكري، كما أن هناك حديثاً عن مناقشة الوضع في فلسطين، واحتمالات التصعيد أو التهدئة في قطاع غزة، رغم أن الأفق يبدو ضبابياً في ظل التوازنات الحالية وقوة الأطراف المعنية.
الأرجح أن اللقاء لم يحقق تغييراً دراماتيكياً على أرض الواقع في ما يخص وقف إطلاق النار، أو إنهاء الحرب في أوكرانيا، فالجبهات مشددة، والمصالح الدولية والإقليمية واضحة، والوقائع على الأرض تتطلب حلولاً أشمل وتتجاوز مجرد تفاهمات بين زعماء، بالإضافة إلى ذلك، هناك خلافات عميقة بين القوى الكبرى، ولا توجد مؤشرات حاسمة على إمكانية تجاوزها في المستقبل القريب.
أما في ما يخص احتمالية أن تشن إسرائيل عملية عسكرية واسعة في غزة، فالأمر معقد أكثر، رغم التصريحات والتوترات، فإن الاحتلال العسكري الشامل يتطلب مشورة داخلية وضغطا دوليا، كما أن الحسابات السياسية والعسكرية تؤدي دورها. وعليه، فإن التهديد بالأمر العسكري يبقى قائماً، لكنه قد يظل ضمن إطار العمليات المحدودة، ما لم تطرأ متغيرات كبرى على المشهد الإقليمي والدولي.
وفي واقع الأمر، هناك شكوك واسعة حول مدى تأثير هذه اللقاءات على موازين القوى العالمي.
يبقى أن المحللين والسياسيين يراقبون هذه اللقاءات بعين الريبة والتشاؤم، معتقدين أن كثيراً من الخطوات قد تكون إعلامية وليست عملية، وأن التوقعات تتجه نحو أن تبقى الأوضاع على حالها، أو تتغير بشكل محدود، وأن الحلول الجذرية تظل بعيدة المنال إلا إذا تغيرت مصالح القوى الكبرى وأولوياتها.
كاتب سعودي