الخميس 18 سبتمبر 2025
42°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
قمة ألاسكا أسرار لم يروها الإعلام (1من 2)
play icon
كل الآراء

قمة ألاسكا أسرار لم يروها الإعلام (1من 2)

Time
الأحد 17 أغسطس 2025
صالح بن عبد الله المسلم

"قمة ألاسكا" لم تكسر الحرب، لكنها كسرت "جدار الصمت" بين واشنطن وموسكو، ونجاحها الحقيقي سيقاس بقدرة الفريقين خلال 60 يوما على تحويل لغة طيبة سلالٍ إنسانية قابلة للتحقق (تبادل أسرى، حماية مدنيين، مسارات أطفال، نقاط مراقبة)، مع إشراك كييف رسمياً بصياغة أي وقف للنار، من دون ذلك، ستتحول القمة إلى لقطة بروتوكولية، مضافة في أرشيف نزاعٍ طويل.

اختيار ألاسكا ليس لوجستياً فقط، جغرافياً هي الحدّ الأميركي الأقرب لروسيا، ورمزياً تحمل إرث "الشراء" من روسيا القيصرية (1867) بما يذكّر موسكو أن الأرض التي تفصل القوتين لا تزال نافذة محتملة لتخفيف الاحتكاك، أو لترسيمه. سياسياً يتيح المكان لترامب أن يظهر أنه لا يذهب إلى أرض محايدة ولا يستقبل بوتين في البيت الأبيض قبل إنجاز ملموس؛ ولبوتين أنه عاد إلى أرض أميركية من موقع الندّ لا المتلقي، هذه الإخراجية تخدم كِلا الرجلين في الداخل، ترامب لإظهار مبادرة سلام "من موقع قوة"، وبوتين لإظهار كسر عزلٍ رمزيّ دون تنازلات مسبقة.

ترامب سعى إلى صورة صانع صفقة تفتح طريق مفاوضات ثلاثية مع زيلينسكي لاحقاً، مع سقف أدنى"تهدئة ميدانية قصيرة" تعطي واشنطن زمام جدول الأعمال، وسقف أعلى"إطار مبادئ يربط تخفيف عقوبات بوقف نار"، قابل للتحقق داخلياً، أي اختراق محدود، يُستثمر كإنجاز رئاسي سريع.

خارجياً، يريد أن يُظهر للأوروبيين أن واشنطن تستعيد صدارة السلام، لكن بشروطها (تقاسم أعباء، وواقعية ميدانية).

بوتين دخل بسلة أهداف مختلفة "شرعنة دور روسيا" كطرف لا يمكن تجاوزه في صياغة نهاية الحرب؛ اختبار حدود أي تخفيف جزئي للعقوبات مقابل التزامات ضبابية؛ وتجميد جبهة القتال بطريقة تحفظ مكاسب ميدانية بلا تعهّدات نهائية.

الأهم، العودة إلى مشهدية قمة ثنائية تعيد تدوير خطاب النديّة مع واشنطن. الإشارات العلنية من الطرفين بعد القمة أكدت "لا اتفاق، لكن محادثات بنّاءة".

ليس لأنها فكرة سيئة، بل لأن توقيتها يأتي قبل ضبط ثلاث معادلات صلبة:

معادلة الأرض مقابل الزمن، موسكو ترى أن دينامية الميدان تميل لها تدريجياً؛ أي وقف نار الآن يثبّت ما تعتبره مكاسبها، كييف ترفض تثبيت خطوط تماس موقتة تتحول حدوداً بحكم الواقع، واشنطن لا يمكنها فرض ترسيم بلا مشاركة أوكرانيا سياسياً، وإلا دفعت كلفة أخلاقية وستراتيجية أمام أوروبا.

النتيجة: لا صفقة بلا حضور أوكراني مباشر لاحقًا، وهذا أقرّ به ترامب عملياً بتعهّد لقاء زيلينسكي في واشنطن.

معادلة العقوبات مقابل التحقق، أي مقايضة خفض عقوبات تتطلب آليات تحقق ميداني معقّدة (مراقبة، جداول زمنية، تعريفات واضحة للخروقات)، لم تظهر في المؤتمر أي عناصر تقنية من هذا النوع، علامة أن المفاوضات بقيت سياسية رمزية أكثر منها تنفيذية.

المعادلة الأوروبية: قادة أوروبا أعادوا تثبيت خطٍ أحمر لا "فيتو روسي" على مسار عضوية أوكرانيا في الاتحاد الأوروبي أو الـ"ناتو"، ولا صفقة فوق رأس كييف، هذا يقيد مساحة المناورة لأي إطار صفقة ثنائية لا يتسع للطرف الأوكراني والأوروبي.

صورة القمة أعادت تدوير صيغة "الكرسيّين"، ما يعني أن خط التفاوض لم يعد حبيس وسطاء (تركيا/قطر/أوروبيين)، بل مفتوح لاجتماعات لاحقة (حتى لو كانت قصيرة أو شكلية)،هذا بحد ذاته أصل تفاوضي جديد.

حتى الرواية الروسية بعد القمة أقرت لفظياً بضرورة "ضمان أمن أوكرانيا"، وإن بقيت دون آليات، هذه جملة ستعود في أي مسودة لاحقة كمرتكز لغويّ.

إعلان اتجاه زيلينسكي لواشنطن، بعد اتصال مطوّل مع ترامب، يوضح أن الجولة التالية ستكون ثلاثية بالتتابع (واشنطن-كييف، ثم ربما لقاء ثلاثي أو مساران متوازيان).

كاتب سعودي

آخر الأخبار