السبت 23 أغسطس 2025
39°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
نريد وقفة شجاعة: لماذا تكثر مصانع الخمر المحلية؟
play icon
الافتتاحية

نريد وقفة شجاعة: لماذا تكثر مصانع الخمر المحلية؟

Time
الأحد 17 أغسطس 2025
أحمد الجارالله

بداية، أنا لا أحب الخمر، ولا أعاقرها، ولم تكن جزءاً من حياتي أبداً، لذا عندما أكتب في هذا الشأن، بسبب مشكلة تؤرق المجتمع، وباتت تطرح نفسها، فثمة بعض الجوانب التي يجب أن تناقش بهدوء في هذه القضية.

في الأسبوع الماضي، نشرت الصحف خبر موت 23 شخصاً، وإصابة نحو 160 بالتسمُّم جراء تعاطيهم خمراً مغشوشة، فيما اكتشفت أجهزة الأمن مصنعاً بدائياً، تستخدم فيه مواد سامة، ومبيدات حشرية لصناعة مسكرات محلية.

ظاهرة "الخمر المحلية"، وتهريب المشروبات، قديمة، ولقد تسببت في الكثير من الوفيات، وإصابات عدة، وفي الأسبوع الواحد تلقي الشرطة القبض على عدد من مهربي المستورد، أو بائعي "المحلي".

هنا أتوقف عند العام 1964، إذ أذكر أنه حين جرى إقرار المادة 206 في قانون الجزاء، بعد نقاشات طويلة، نقل عن الشيخ عبدالله السالم، رحمه الله، أنه سأل: هل هذا الحظر يشجع على تهريب المخدرات، وما البدائل؟

هذا السؤال وغيره تم طرحه أكثر من مرة خلال العقود الستة الماضية، ودائماً كان الجواب أن "المجتمع الكويتي محافظ"، وينتهي الأمر عند هذا الحد، بينما في الحقيقة أن المجتمع الكويتي ليس وحده المحافظ، فكل مجتمعات الخليج محافظة، وحكوماتها سمحت بالمشروبات الروحية للوافدين غير المسلمين، ضمن ضوابط، وبذلك وفرت الكثير على شعوبها.

وهنا أذكر أننا في الستينيات من القرن الماضي، وقبل إقرار المادة 206، نظمنا حملة صحافية، ليس لمنع تلك المشروبات، إنما كان السؤال: لماذا موزعها شركة أجنبية، وهو ما كان سائداً في كل دول الخليج العربية، ولم يكن السؤال لماذا لا تُمنع الخمر، فالمجتمع المحافظ حينذاك، كان كما يبدو أكثر انفتاحاً من اليوم.

لذا نسأل: ماذا نتج عن هذا المنع في الكويت؟

أدى ذلك إلى انتشار المخدرات، وزادت نسبة التهريب والمهربين، ولأن "كل محجوب مرغوب"، بدأنا نشاهد أشكالاً كثيرة من المخدرات الفتاكة، وكذلك جرائم عدة تهدد المجتمع ومصانع سموم على أنها خمر.

وفي هذا الشأن، فإن الأرقام مخيفة، فحين يكون نحو 81 ألفاً من المدمنين راجعوا مستشفى الطب النفسي، والعيادات الخارجية وغيرها في 8 سنوات، أي ما يزيد على عشرة آلاف حالة سنوياً، فهذا رقم مرعب، وعندما يكون 51 في المئة من المتعاطين والمروجين مواطنين، فهذا يقرع ناقوس الخطر بشدة، ويطرح الأسئلة عن البدائل!

لذا نسأل: لماذا لا يكون هناك نقاش هادئ ومنفتح على كل الآراء، القانونية، الشرعية، وأيضاً الصحية، وفائدة المصلحة العامة أن تكون هناك مقاربة هذا الأمر بعيداً عن الإملاءات التي كان يفرضها متشددون أرادوا تطويع المجتمع وفق وجهة نظرهم السياسية، وكان ذلك من الأسباب التي أدت إلى المزيد من التطرف، وكذلك اتساع ظاهرة تعاطي المخدرات؟

علينا فعلاً طرح المشكلات بجرأة، بعيداً عن الاتهامات، فاكتشاف مصانع للخمور المغشوشة، والضحايا الكثر، ونسبة تعاطي المخدرات، كلها تفرض التعاطي مع الأمر بعيداً عن التشنج، والأفكار المعلبة.

أذكر أنه منذ عقود عدة، حين سمح أحد حكام الخليج بالخمر في بلاده، ضمن ضوابط، وسأله أحدهم: مجتمعنا محافظ، فكيف تسمح بذلك؟!

فقال: المؤمن لا يحتاج إلى رادع.

  • أحمد الجارالله

آخر الأخبار