أيها الخريجون انتبهوا

كلوروفيل

مجرد التفكير بالمستقبل، والمسار المهني بحد ذاته مخاطرة خفية، فكيف تحديده والخوض فيه؟

لقد انتشرت الدعايات والإعلانات كثيرا في فترة ما بعد التخرج لطلبة الثانوية العامة، وقبل فترة وجيزة استوقفني اعلان لشركة سيارات تبدأ بحلم لاحد الطلبة، وهو يفز من السرير يكلم نفسه بأن اصعب قرار تتخذه في حياتك هو اختيار التخصص في الجامعة، وثاني أصعب قرار شنو تشتري سيارة احلامك. بصراحة لا اذكر نوع السيارة في الإعلان، لكن أعجبني الإعلان جدا فقد ارشدني لكتابة مقالة على هيئة رسالة لبناتي وابنائي الطلبة الخريجين، فهم فعلا في أصعب مرحلة، واصعب قرار.

قبل أكثر من ثلاثين عاما جاءني قبول في كلية طب الاسنان، فاعترضت والدتي بشدة على هذا التخصص، وقد يرجع ذلك لخوفها من دكتور الاسنان، وقالت لي تذهبين للعمل في الصباح ماذا تشاهدين؟ الجير والتسوس والبلاك، هذا تخصص لا ينفعك.

ودار بيني وبينها حديث عن التخصص دام أكثر من شهر عن التخصصات، ومستقبلها المهني والاجتماعي والاقتصادي.

ولأن والدتي حفظها الله ورعاها، فطنة، ومهتمة بالعلم والتعلم، وقد جمعت خبرات أجيال، كانت نظرتها دائما حكيمة وفعالة، فاقترحت عليَّ تخصص بعلم النبات، ولأنني محبة للنباتات والزرع، وبتشجيع من الوالد، حفظه الله ورعاه، اقتنعت سريعا، وأحمد ربي ليلا ونهارا على اختيار هذا التخصص والتغلغل فيه، والحصول على نصيب وافر من التخصص الدقيق، الخلية، والوراثة، والامن الغذائي، والتغير المناخي.

ابنائي وبناتي من الخريجين: انتبهوا جيدا لما يعرض عليكم، ولما تختارونه لمستقبلكم فإن تحديد المسار المهني، لا يجب أن يكون قرارا عشوائيا، أو تقليدا أعمى للآخرين، بل هو دراسة وافية لاحتياجات سوق العمل الحالية، والمستقبلية، ولا يجب تغييره حتى لا نهدر من سنوات عمرنا الكثير، ولا شك أن الدعم الاسري، والإرشاد المجتمعي عامل مهم لتحديد المهنة، فهي ليست مجرد مصدر وظيفة روتينية فقط.

بالنهاية أقول لبناتي وابنائي الطلبة ان اختيار المسار العلمي والمهني رحلة شخصية، تتطلب وعيا واستشارة وتحتاج خبرة واستخارة، وان العشوائية تكلف الكثير، وفقكم الله لما فيه خير لكم وللبلاد والعباد.

فأنا تخصصي "علم النبات" هو وظيفتي وشغفي وهوايتي ومصدر رزقي الخاص، والى مستقبل أخضر مستدام ومثمر ان شاء الله.

دكتوراه في فلسفة النبات