كلّف "البنتاغون" و"سنتكوم" بمقاربة جديدة مع فشل ستراتيجية "القوة الفائقة في زمن قصير لتحطيم العدو"
- مراجعة للمخاطر وإعادة تقييم أساليب مواجهة الدول لها والتصرف وفقاً لعلاقات أميركا معها
- إعادة النظر بعدد القوات الأميركية من سورية إلى العراق والكويت وصولاً لدول الخليج و"العديد"
واشنطن، عواصم - وكالات: فيما يشهد الشرق الأوسط بداية تحول أميركي في التعاطي مع الشؤون الأمنية والعسكرية، طلب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من القيادات في وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" والقيادة المركزية الأميركية "سنتكوم" إعادة النظر في الحشد العسكري وتكاليفه المالية والبشرية، واختار الرئيس الأميركي لقيادة المنطقة المركزية الأميرال براد كوبر وهو ضابط رفيع شغل منصب قائد الأسطول الخامس بالبحرين ثم أصبح نائب قائد المنطقة المركزية ويتولى الآن قيادة المنطقة الممتدة من مصر إلى كازاخستان ومن عُمان إلى لبنان.
وتعرف ترامب على كوبر خلال لقاءات مع مرشحين لمنصب القيادة، ويروي أصدقاء مشتركون أن كوبر شخصية متفائلة وتبحث دائماً عن الفرص الممكنة لتحقيق الأهداف العسكرية والأمنية والستراتيجية، وتبدو طريقة عمله مناسبة جداً للرئيس الأميركي الذي يسعى للابتعاد عن السياسات السابقة التي وضعت العبء الأكبر على الجنود والعتاد الأميركيين واستنزفت الخزانة الأميركية، وقال مسؤول أميركي لمنصتي "العربية" و"الحدث" السعوديتين أن كوبر سيطرح مقاربة جديدة تناسب الرئيس ترامب والمتطلبات الأميركية وتقوم على تحديد الخطر وبناء قدرات الردع، مضيفا أن الستراتيجية المعروفة باسم "الإطار" تهدف إلى حصر النطاق الذي يمتد فيه الخطر، وتسعى القيادة المركزية خلال المراجعة إلى النظر في قدرات الدولة التي يعنيها الخطر، ثم تقيّم الولايات المتحدة الدور المطلوب من قواتها العسكرية.
وعالجت الولايات المتحدة المخاطر الناشئة في الشرق الأوسط بمقاربات مختلفة عبر الوقت، ففي الثمانينات، واجهت أميركا إيران بحضور عسكري كثيف لحماية منابع النفط، وكررت الأمر ذاته خلال فترة الرئيس جورج دبليو بوش، وتراجعت عن حشد حاملتي طائرات في الشرق الأوسط خلال عهد الرئيس باراك أوباما، وتبنت في عهد ترامب نظرية "الحشد السريع" بنقل القوات إلى منطقة النزاع عند الضرورة بسرعة، أولاً عن طريق الجو، وثانياً بالاستعانة بالأساطيل الأميركية المنتشرة حول العالم.
وتعتبر ستراتيجية "الإطار" اعتراضاً واضحاً على نظرية القائد السابق للقيادة المركزية إريك كوريللا والتي ارتكزت على استعمال القوة الفائقة في زمن قصير لتحطيم العدو، وكان أفضل مثال عليها القصف الأميركي على الحوثيين في اليمن خلال الربيع الماضي، حيث شنت القوات الجوية والبحرية الأميركية هجمات هائلة على مواقع الحوثيين لمدة واحد وخمسين يوماً للقضاء على قدراتهم، ويرى منتقدو هذه السياسة أنها مكلفة ولا يمكن أن تصل إلى نتيجة كاملة، حيث احتفظ الحوثيون ببعض القدرات وتمكنوا من مواصلة السيطرة على مناطق واسعة من اليمن، كما أنهم يواصلون تلقي السلاح من إيران، ويعتبر منتقدو هذه الستراتيجية أن القصف على إيران اتبع سياسة مماثلة وحقق أهدافاً كثيرة، لكنه لم يقض على البرنامج النووي أو القدرات الإيرانية.
وقال مسؤول أميركي لـ "العربية والحدث" إن الأميرال كوبر سيجري مراجعة شاملة للمخاطر في الشرق الأوسط والقيادة المركزية، موضحا أن المراجعة ستشمل لقاءات مع القادة في منطقة قيادته وإعادة تقييم للمخاطر والأساليب المتبعة لمواجهة هذه المخاطر من قبل هذه الدول، والعلاقة بين الأميركيين وهذه الدول، ثم سيتم التوصل إلى قرار بشأن انتشار القوات الأميركية، سواء كانت جوية أو بحرية أو برية، وقد يكون من الضروري النظر إلى بعض المناطق التي تشهد تعديلاً واضحاً في أعداد القوات الأميركية، خصوصاً مع وجود أعداد كبيرة من الأميركيين المنتشرين من شمال شرق سورية والتنف إلى العراق، ثم إلى الكويت، وصولاً إلى دول الخليج العربي، بما في ذلك وجود قاعدة جوية ضخمة في العديد بقطر.
وقد توحي هذه المراجعة بأن الولايات المتحدة غير مهتمة بالمنطقة، وهذا خطأ، حيث تعتبر الولايات المتحدة الشرق الأوسط منطقة حيوية للأمن والاقتصاد الأميركي والعالمي، ولم تتمكن من التخلي عنها في عهد باراك أوباما.